قوله في الوجه الثاني: «أن يكون المراد من الصورة الصفة» وذلك لأنه تعالى لما خصه بمزيد الإكرام والإنعام في الوقت الذي رآه صح أن يقال في العرف المعتاد: «إني رأيته في أحسن صورة» كما يقال: «وقعت هذه الواقعة على أحسن صورة وأجمل هيئة».
فيقال له: هذا باطل من وجوه:
أحدها: أنه تقدم في ألفاظ الحديث «أنه شابا موفرا». رأى ربه في المنام في أحسن صورة
[ ص: 368 ] الثاني: أن ما يخلقه الله من الإكرام والإنعام ليس صفة له فأن لا يكون صورة له أولى، ومن المعلوم أن وإن وصف بأنه خلقها، وأنعم بها، وأحسن بها. نعمة الله على عباده لا تحصى، ولا يوصف بها،
الثالث: أنه لو أريد بذلك النعم كان من المعلوم أن ما ينعم الله به عليه بعد ذلك «أحسن صورة» وقد قال: «رأيته في أحسن صورة».
الرابع: قوله: كما يقال: «وقعت هذه الواقعة على أحسن صورة وأجمل هيئة» يقال له: هذا إن كان كلاما عربيا فالصورة قائمة بالمتصور ليست قائمة بغيره، فليس ذلك نظير قوله: «رأيته في أحسن صورة» إذا جعلت الصورة للمرئي وجعلتها نعما مخلوقة منفصلة عنه.
الخامس: أنه إذا جعل قوله: «أحسن صورة» للمرئي [ ص: 369 ] وجعله من مفعولاته كان المعنى أن ما أنعم الله به على محمد تلك الساعة هو أحسن صورة لله، وهذا باطل قطعا.
السادس: أن هذا التأويل من جنس التأويل الذي رده على متبع الدارمي حيث قال: يحتمل أن تكون هذه صورة مخلوقة أتى الله فيها، لا مدبر لها، فكلاهما مشتركان في الفساد من جهة جعل الصورة مخلوقة مملوكة، ولكل من التأويل وجوه تختص به، تدل على فساده. المريسي؛