فهذا الكلام من الإمام أبي عبد الله أحمد رحمه الله يبين أنه وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له حد يعلمه هو لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه. وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق وينفون علم العباد بكنهها كما ذكرنا من كلامهم في [ ص: 629 ] غير هذا الموضع ما يبين ذلك. نفى أن العباد يحدون الله تعالى أو صفاته بحد، أو يقدرون ذلك بقدر، أو أن يبلغوا إلى أن يصفوا ذلك؛
وأصحاب الإمام منهم من ظن أن هذين الكلامين يتناقضان فحكى عنه في إثبات الحد لله تعالى روايتين، وهذه طريقة الروايتين والوجهين. ومنهم من نفى الحد عن ذاته تعالى ونفى علم العباد به كما ظنه موجب ما نقله أحمد حنبل، وتأول ما نقله المروذي والأثرم وغيرهم من إثبات الحد له على أن المراد إثبات حد للعرش. ومنهم من قرر الأمر كما يدل عليه الكلامان، أو تأول نفي الحد بمعنى آخر، والنفي هو طريقة وأبو داود أولا في "المعتمد" وغيره، فإنه كان ينفي الحد والجهة، وهو قوله الأول، قال: (فصل: وقد وصف الله نفسه بالاستواء على العرش... ). القاضي أبي يعلى
[ ص: 630 ]