ثم -أعني غير منقطع- وذلك أن قوله تعالى: قال هذا الفيلسوف: «وهذا كله مع أن هذه الآراء في العالم ليست على ظاهر الشرع؛ فإن ظاهر الشرع إذا تصفح ظهر من الآيات الواردة في الإنباء عن إيجاد العالم أن صورته محدثة بالحقيقة، وأن نفس الوجود والزمان مستمر من الطرفين وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء [هود: 7] يقتضي بظاهره أن وجودا قبل هذا الوجود وهو العرش والماء، وزمانا قبل هذا الزمان، أعني المقترن بصورة هذا الوجود، الذي هو عدد حركة الفلك، وقوله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض [إبراهيم: 48] يقتضي أيضا بظاهره أن وجودا ثانيا [ ص: 459 ] بعد هذا الوجود، وقوله تعالى: ثم استوى إلى السماء وهي دخان [فصلت: 11] يقتضي بظاهره أن السماء خلقت من شيء، والمتكلمون ليسوا في قولهم أيضا في العالم على ظاهر الشرع، بل يتأولون، فإنه ليس في الشرع أن الله كان موجودا مع العدم المحض، ولا يوجد هذا فيه أيضا أبدا؛ فكيف يتصور في تأويل المتكلمين في هذه الآيات أن الإجماع انعقد عليه، والظاهر الذي قلناه من الشرع في وجود العالم قد قال به فرقة من الحكماء».