أجمعت المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار، واختلفت هل يرى بالقلوب فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة: نرى الله بقلوبنا، بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر هشام الفوطي وعماد بن سليمان [ ص: 185 ] ذلك، وهؤلاء النفاة يسمون مثبتة الرؤية مجسمة، ويجمعون في نقل مقالات المثبتة بين الحق والباطل، كما نقل عنهم ما نقله من كتب الأشعري المعتزلة، فقال: «واختلفوا في فقال قائلون: يجوز أن نرى الله بالأبصار في الدنيا، ولسنا ننكر أن يكون بعض من نلقاه في الطرقات. رؤية الله بالأبصار،
وأجاز عليه بعضهم الحلول في الأجسام، وأصحاب الحلول إذا رأوا إنسانا يستحسنونه لم يدروا لعل إلههم فيه.
وأجاز كثير ممن أجاز رؤيته في الدنيا مصافحته. وملامسته ومزاورته إياهم، وقالوا: إن المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك، حكي ذلك عن بعض أصحاب معتمر وكهمس.
[ ص: 186 ] وحكى عن أصحاب أنهم كانوا يقولون: إن الله سبحانه يرى على قدر الأعمال، فمن كان عمله أفضل رآه أحسن، وقال قائلون: إنا نرى الله في الدنيا في النوم، فأما في اليقظة فلا، وروي عن عبد الواحد بن زيد أنه قال: رأيت رب العزة في النوم، فقال: لأكرمن مثواه، يعني رقبة بن مصقلة سليمان التيمي، صلى الفجر بطهر العشاء الآخرة أربعين سنة. وامتنع كثير من القول أنه يرى في الدنيا، ومن سائر ما أطلقوه وقالوا: إنه يرى في الآخرة. فقد حكى هذا القول بإطلاق النفي في الدنيا معارضا لتلك [ ص: 187 ] الأقوال المشتملة على الباطل، مثل كونه يرى بالأبصار في الطرقات، وعلى الحق مثل كونه يرى في المنام؛ ولهذا جمع طائفة بين قول عائشة كما ذكره وابن عباس في تفسيره فقال: رزين بن معاوية