الوجه السابع والثلاثون: وهو أن سواء في ذلك مباينة الأجسام بعضها لبعض، والأعراض بعضها لبعض، ومباينة الأجسام والأعراض، ثم الأجسام والأعراض تتباين، مع تماثلها بأحيازها وجهاتها المستلزمة لتباين أعيانها، وتباين مع اختلافها أيضا بتباين أحيازها وجهاتها مع اختلافها، كالجسمين المختلفين، والعرضين المختلفين في محلين، وأدنى ما تتباين به الاختلاف في الحقيقة والصفة دون الحيز، كالعرضين المختلفين في محل واحد، فلو لم يباين الباري لخلقه، إلا بمجرد [ ص: 351 ] الاختلاف في الحقيقة والصفة، دون الجهة والحيز والقدر، لكانت مباينته لخلقه من جنس مباينة العرض لعرض آخر حال في محله، أو مباينة الجسم للعرض الحال في محله، وهذا يقتضي أن مباينته للعالم، من جنس تباين الشيئين، اللذين هما في حيز واحد ومحل واحد، فلا تكون هذه المباينة تنفي أن يكون هو والعالم في محل واحد; بل إذا كان العالم قائما بنفسه، وكانت مباينته له من هذا الجنس، كانت مباينته للعالم مباينة للجسم الذي قام به، ويكون العالم كالجسم، وهو معه كالعرض، وذلك يستلزم أن تكون مباينته للعالم مباينة المفتقر إلى العالم وإلى محل يحله، لا سيما والقائم بنفسه مستغن عن الحال فيه. وهذا من أبطل الباطل، وأعظم الكفر; فإن الله تعالى غني عن العالمين كما تقدم. من المعلوم، أن مباينة الله لخلقه، أعظم من مباينة بعض الخلق بعضا،