الوجه الحادي والعشرون: فيقال: لو كان مماثلا لغيره في هذه الصفات، فيوصف غيره بمثل ما يوصف به من الوجود، وصفات كمال الوجود لزم تماثلهما، وإذا تماثلا جاز على أحدهما ما يجوز على الآخر، فيلزم أن يكون القديم محدثا، والمحدث قديما، والواجب ممكنا والممكن واجبا، وأمثال ذلك. فهذا ونحوه يدل على أنه ليس مثله شيء في وجوده ونفيه، وصفات الكمال الثابتة لوجوده ونفسه، وإذا انتفى عنه مماثلة شيء له في الوجود وصفات كمال الوجود، كان هذا إثباتا، لأنه ليس كمثله شيء، وأنه لم يكن له كفوا أحد، وأنه لا سمي له. أما أن يترك هذا كله ولا يذكر إلا تنزيهه عن صفات النقص، ولا ينزه عنها إلا عن مماثلة للمخلوقات فيها، ولا يذكر دليل لزوم حدوثه وإمكانه، أو لزوم اجتماع النقيضين، مما هو بين معروف يبين استحالة ذلك، بل لا يذكر إلا ما يدل على أنه لا بد من واجب الوجود، فهذا كما ترى. فلو قيل له، لكان هذا كلاما متوجها. أن نفي المماثلة واجب في [ ص: 302 ] صفات الكمال، كالعلم والقدرة والحياة، بل والوجود.