ثم قال واعلم أن الكلام على هذا الحديث من وجهين:
الأول: وذلك بأن يريهم ملكا من الملائكة، ونظيره قول أن تكون "في" بمعنى "الباء"، والتقدير: فيأتيهم الله بصورة غير الصورة التي عرفوه بها في الدنيا، رضي الله عنهما [ ص: 5 ] في قوله تعالى: ابن عباس هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام [البقرة: 210]؛ أي بظلل من الغمام، ثم إن تلك الصورة تقول: وكأن ذلك آخر محنة تقع للمكلفين في دار الآخرة، وتكون الفائدة فيه: «أنا ربكم»، وإنما يقال: الدنيا دار محنة والآخرة دار الجزاء، على الأعم والأغلب، وإن كان يقع في كل واحدة منهما ما يقع في الأخرى نادرا. تثبيت المؤمن على القول الصالح،
أما قوله صلى الله عليه وسلم: فيحمل على أن يكون المراد إذا جاء إحسان ربنا عرفناه. «إنهم يقولون: إذا جاء ربنا عرفناه»،
وقوله: فمعناه يأتيهم بالصورة التي يعرفون أنها من أمارات الإحسان. «فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها»
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فيقولون: بيننا وبينه علامة» فيحتمل أن تكون تلك العلامة كونه تعالى في حقيقته مخالفا للجواهر [ ص: 6 ] والأعراض، فإذا رأوا تلك الحقيقة عرفوا أنه هو الله تعالى.
التأويل الثاني: أن يكون المراد من الصورة الصفة، والمعنى: أن يظهر لهم من بطش الله وشدة بأسه ما لم يألفوه ولم يعتادوه من معاملة الله تعالى معهم، ثم يأتيهم بعد ذلك أنواع الرحمة والكرامة على الوجه الذي اعتادوه وألفوه.