فصل: فذهب قوم يميلون إلى العربية أنهما بمعنى، -قال- [ ص: 265 ] وهذا قول جمهور المفسرين من المتقدمين. اختلف العلماء هل التفسير والتأويل بمعنى أم يختلفان،
وذهب قوم يميلون إلى الفقه إلى اختلافهما، فقالوا: التفسير: إخراج الشيء من مقام الخفاء إلى مقام التجلي.
والتأويل: نقل الكلام عن وضعه إلى ما لا يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، فهو مأخوذ من قولك: آل الشيء إلى كذا، أي صار إليه.
ثم قال: في آية آل عمران: قال: وفي التأويل وجهان.
أحدهما: أنه التفسير. والثاني: أنه العاقبة المنتظرة والراسخ الثابت، فيه قولان. فهل يعلم الراسخون تأويله أم لا؟
أحدهما: أنهم لا يعلمونه، وأنهم آمنوا به، وقد روى طاوس، عن أنه قرأ: (ويقول الراسخون في العلم آمنا به) وإلى [ ص: 266 ] هذا المعنى ذهب ابن عباس ابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وعروة بن الزبير، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، [ ص: 267 ] والفراء، وأبو عبيد، وثعلب، وابن الأنباري، والجمهور.
قال في قراءة ابن الأنباري عبد الله: (إن تأويله إلا عند الله) وفي قراءة أبي (ويقول الراسخون). وابن عباس
قال: وقد أنزل الله في كتابه أشياء استأثر بعلمها، كقوله تعالى: قل إنما علمها عند ربي [الأعراف: 187]. وقوله تعالى: [ ص: 268 ] وقرونا بين ذلك كثيرا [الفرقان: 38]. فنزل الله المجمل ليؤمن به المؤمن فيسعد به، ويكفر به الكافر فيشقى.
قال: الثاني: أنهم يعلمون، فهم داخلون في الاستثناء، وقد روى عن مجاهد رضي الله عنهما قال: أنا ممن يعلم تأويله. ابن عباس
وهذا قول مجاهد والربيع، واختاره ابن قتيبة، وأبو سليمان الدمشقي. [ ص: 269 ]