وقد قدمنا فيما مضى طرفا من كلام السلف والأئمة في الرد على هؤلاء مثل الأثر المشهور عن أنه قيل له: "بماذا نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه؛ لا نقول كما تقول ابن المبارك الجهمية: إنه ها هنا في الأرض وقول [ ص: 54 ] هكذا هو عندنا وروي عن الإمام أحمد: في كتاب "الرد على ابن أبي حاتم الجهمية" حدثنا الحسن بن علي بن مهران، حدثنا قال: جاء بشار بن موسى الخفاف، [ ص: 55 ] إلى بشر بن الوليد فقال له: تنهاني عن الكلام أبي يوسف وبشر المريسي وعلي الأحول وفلان يتكلمون؟ فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون الله في كل مكان. فبعث وقال: علي بهم، فأتوا إليه وقد قام أبو يوسف بشر فجيء بعلي الأحول والشيخ، يعني الآخر، فنظر إلى الشيخ وقال: لو أن فيك موضع أدب لأوجعتك، فأمر به إلى الحبس، وضرب أبو يوسف عليا الأحول وطوف به.
وقال أيضا: حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي، [ ص: 56 ] سمعت أبي يقول: حبس رجل في التجهم فتاب، فجيء به إلى هشام بن عبيد الله الرازي ليمتحنه، فقال له: أتشهد أن الله على عرشه، بائن من خلقه؟ قال: لا أدري ما بائن من خلقه فقال: ردوه فإنه لم يتب بعد. وقال عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق لما روى "ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور، فهو فوق ذلك. قال: من زعم أن الله هاهنا فهو جهمي خبيث، إن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة". ابن عباس: حديث