أما قول الرازي: «إن كان عائدا إلى المرئي» ففيه وجوه:
الأول: أن يكون رأى ربه في المنام في صورة مخصوصة، وذلك جائز؛ لأن الرؤيا من تصرفات الخيال، فلا ينفك ذلك عن صورة متخيلة، فيقال له: قد بينا أن ألفاظ الحديث صريحة في أن هذه الرؤية كانت في المنام، فيكون هذا الوجه هو المقطوع به، وما سواه باطل، ولكن لا يكون ذلك من باب التأويل، بل الحديث على ظاهره، فيكون ظاهره أنه رآه في المنام، وهذا حق لا يحتاج إلى تأويل، وهذا مقصودنا، فإنهم يدعون احتياج هذه الأحاديث إلى تأويل يخالف ظاهرها؛ لأن ظاهرها عندهم ضلال وكفر، وهم غالطون تارة فيما يدعون أنه ظاهرها وليس كذلك.
كما يدعون أن ظاهر هذا الحديث أنه رآه في اليقظة، كذلك دعواهم أن ظاهرها الذي هو ظاهرها الحق يحتاج إلى تأويل، وهذا الذي أثبته الرازي من جواز [ ص: 367 ] هو الحق الذي عليه عامة أهل الإثبات، وإن نازع فيه من نازع من رؤية الله في المنام الجهمية.
لكن في هذا الباب للنفاة وأهل الإثبات غلط، كما سننبه عليه إن شاء الله تعالى، مثل جعل بعض النفاة للرؤية عقائد غير مطابقة، وتخيلات باطلة، فهي كالرؤية بالعين المحققة الموجودة في الخارج.