وقال أيضا «أبو عبد الله» هذا في «تفسيره» الكبير، في قوله تعالى: استوى على العرش [الأعراف: 54] قال: «هذه وللعلماء فيها كلام وأجزاء، وقد بينا أقوال العلماء فيها في كتاب «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى»، وذكرنا فيها هنالك أربعة عشر قولا، والأكثر من المتقدمين والمتأخرين» يعني من متكلمي أصحابه «أنه إذا وجب تنزيه الباري عن الجهة والحيز، فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم المتأخرين» يعني: العلماء المتكلمين أصحابه، «تنزيه الباري عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز، الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث، هذا قول [ ص: 173 ] المتكلمين، وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى، كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء، فإنه لا يعلم حقيقته، كما قال مسألة الاستواء، رحمه الله: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة». وكذا قالت [ ص: 174 ] «أم سلمة» رضي الله عنها، وهذا القدر كاف» قال: «والاستواء في كلام العرب العلو والاستواء» وذكر كلام مالك «الجوهري» في صحاحه وغير ذلك، هذا آخر كلام [ ص: 175 ] «القرطبي».