ففي صحيح عن مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن مسعود رجل يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها [ ص: 73 ] التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول: لا يا رب. ويعاهده ألا يسأله غيرها. قال: وربه عز وجل يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأل غيرها وربه عز وجل يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة أخرى عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها، قال بلى يا رب، هذه لا أسألك [ ص: 74 ] غيرها، وربه عز وجل يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مما أضحك؟ قالوا: مما تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: مما تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر. آخر من يدخل الجنة
وفي الصحيحين من حديث عن إبراهيم النخعي عبيدة السلماني عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن مسعود
قال: لقد وكان يقول: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه إني [ ص: 75 ] لأعلم آخر أهل النار دخولا الجنة: رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله له اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى. فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى. فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا. فيقول: أتسخر بي -أو تضحك بي- وأنت الملك؟