فخلق المخلوق على صورته، وهذا من بنيه، فمعلوم أن صورته كصورة آدم، فذكر ثلاثة أشياء:
[ ص: 540 ] الصورة المضروبة المشتومة المنهي عن ضربها وشتمها، وهي وجوه الآدميين.
وآدم الذي خلقه الله.
والصورة التي خلق عليها آدم.
فلا بد من إثبات هذه الثلاثة، ولو أريد الصورة المخلوقة لم يكن إلا صورة فقط، فيقال: خلق هؤلاء، أو هذا أو الذرية على صورته.
الوجه التاسع: أن آدم هو من أظهر العلوم عند الخاصة والعامة فإذا لم يكن في قوله: "على صورته" معنى إلا أنها الصورة التي خلقها، وهي ملكه، لكان قوله: "خلق العلم بأن الله خلق آدم" كافيا إذ خلق آدم وخلق آدم على صورته سواء على هذا التقدير، وإن ادعى أن في الإضافة بمعنى الخلق تخصيص فكذلك يكون في لفظ خلق، لا فرق بين قول القائل هذا مخلوق الله، وبين قوله إن الله هو الذي خلق (هذا، ومعلوم أن حمل الحديث على هذا يوجب سقوط فائدته كما لو صرح بذلك فقال خلق) آدم على الصورة التي خلقها الله، أو خلق آدم على الصورة التي خلقها الرحمن، ومثل هذا الكلام لا يضاف إلى أدنى الناس، فضلا عن [أن] يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 541 ] الوجه العاشر: أن أو "خلق آدم على صورته" يقتضي أنه براه وصوره على تلك الصورة، "على صورة الرحمن" فلو أريد الصورة المخلوقة المملوكة، التي هي صورة قوله: آدم المضافة إليه تشريفا لكان يقال: صورة آدم صورة الله، أو صورة الإنسان صورة الله، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على الإضافة المجردة، وإن كان في ذلك ما فيه، أما إذا قيل: خلقه على صورته، ولم يرد إلا أن صورته المخلوقة هي الصورة المضافة إلى الله، لكونها مخلوقة له، فهذا تناقض ظاهر لا يحتمله اللفظ.