الوجه الحادي عشر: أنه آدم لنهي –أيضا- عن الشتم والتقبيح لسائر الأعضاء، لا يقولن أحدكم قطع الله يدك ويد من أشبه يدك. لو كان علة النهي عن شتم الوجه وتقبيحه أنه يشبه وجه
الوجه الثاني عشر: أن ما ذكره من تأويل ذلك: "فإنه إبطال لقول من يقول: إن آدم كان على صورة أخرى، مثل ما يقال: إنه [ ص: 431 ] كان عظيم [الجثة] طويل القامة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى إنسان معين وقال: آدم على صورته" أي: كان شكل "إن الله خلق آدم مثل شكل هذا الإنسان، من غير تفاوت البتة".
يقال لهم: الحديث المتفق عليه في الصحيحين مناقض لهذا التأويل، مصرح فيه بأن خلق آدم أعظم من صور بنيه بشيء كثير وأنه لم يكن على شكل أحد من أبناء الزمان، كما في الصحيحين عن عن همام بن منبه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة، آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك الملائكة، فاسمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، قال: فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن". قال في رواية "خلق الله يحيى بن جعفر، ومحمد بن رافع: "على صورته".
فهذا الحديث الذي هو أشهر الأحاديث التي فيها أن الله خلق [ ص: 432 ] آدم على صورته، ذكر فيه أن طوله ستين ذراعا، وأن الخلق لم يزل ينقص حتى الآن، وأن أهل الجنة يدخلون على صورة آدم، ولم يقل إن آدم على صورتهم، بل قال هم على صورة آدم، وقد روي أن عرض أحدهم سبعة أذرع.
فهل في تبديل كلام الله ورسوله أبلغ من هذا؟! أن يجعل ما أثبته النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر به وأوجب التصديق به قد نفاه وأبطله، وأوجب تكذيبه وإبطاله؟!