وإذا تقرر أن مقبول فتأويل تأويل الصحابة أولى بالاتباع والقبول، فإنه البحر العباب، وبالتأويل أعلم الأصحاب، فإذا صح عنه ابن عباس وضعنا له الحد بالإيمان والتصديق، وعرفنا من الاستقرار ما عرفناه من الاستواء، وقلنا إنه ليس باستقرار يتعقب تعبا واضطرابا، بل هو كيف شاء وكما يشاء، والكيف فيه مجهول، والإيمان به [ ص: 404 ] واجب، كما نقول في الاستواء سواء. تأويل الاستواء بالاستقرار،
فأما إذا لم يكن السلف صحابيا نظرنا في تأويله، فإن تابعه عليه الأئمة المشهورون، من نقلة الحديث والسنة، ووافقه الثقاة الأثبات تابعناه، وقبلناه، ووافقناه، فإنه وإن لم يكن إجماعا حقيقة إلا أن فيه مشابهة الإجماع، إذ هو سبيل المؤمنين، وتوافق المتقين، الذين لا يجتمعون على الضلالة، ولأن الأئمة لو لم يعلموا أن ذلك عن الرسول والصحابة لم يتابعوه عليه.
فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول، وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن خزيمة آدم على صورته" "خلق الله فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل ولم يتابعه عليه من قبله من أهل الحديث، لما روينا عن تأويل الحديث "رحمه الله تعالى"، ولم يتابعه –أيضا- من بعده، حتى رأيت في كتاب (الفقهاء) [ ص: 405 ] أحمد للعبادي، الفقيه، أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهم مسألة تفرد بها، فذكر وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث: الإمام ابن خزيمة، آدم على صورته" على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على "خلق الله وإفك افتري عليه، فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقبله ولا يلتفت إليه، بل نوافق ونتابع ما اتفق الجمهور عليه. ابن خزيمة،