قال: الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي، الشافعي، في كتابه الذي سماه (الفصول في الأصول عن [ ص: 399 ] الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول) ذكر فيه الأئمة الاثنى عشر، المتبوعين في العلم، وهم: الشافعي، ومالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، والأوزاعي، والليث بن [ ص: 400 ] سعد، وإسحاق بن راهويه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، الرازيان.
[ ص: 401 ] وقد ذكر في ترجمة أنه سئل عن قوله تعالى: سفيان بن سعيد الثوري وهو معكم أين ما كنتم [الحديد: 4] قال: علمه.
ثم ذكر في أثناء الترجمة: "فإن قيل فقد منعتم من التأويل، وعددتموه من الأباطيل، فما قولكم في تأويل السلف؟ وما وجهه؟ نحو ما يروى عن في معنى: ابن عباس استوى أي: استقر، وما رويتم عن سفيان في قوله تعالى: وهو معكم قال: علمه.
الجواب: قلنا لعلتين، لا ثالث لهما، على أن الجواب عن السؤال أن يقال: لأنه شاهد الوحي والتنزيل، وعرف التفسير والتأويل، إن كان السلف صحابيا فتأويله مقبول [ ص: 402 ] متبع، من علماء الصحابة، وابن عباس وكانوا يرجعون إليه في علم التأويل، وكان يقول: أنا من الراسخين في العلم، إذ كان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ظهراني الأئمة الأربعة، وسائر المشايخ من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين" يدأب ليلا ونهارا في البحث والتسآل عن النساء والرجال الذين عرفوا تأويل ما لم يعرفه في صغره، وشاهدوا تنزيل ما لم يشاهده في حاله من كبره، وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعرفة التأويل، وكان رديفا له فقال: "اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين".
[ ص: 403 ] وكان مجلسان في كل يوم، مجلس لكبار الصحابة ومشايخهم، ومجلس لشبانهم، وكان يأمر لعمر أن يحضر مع كبار الصحابة مجلسه، فكانت إذا ألقيت عليهم مسألة يجيبون فيها، قال ابن عباس "غص يا غواص، دس يا دواس"، إذا أجاب لابن عباس بجواب صوبه وقرره. ابن عباس