ثم يقال في الوجه الرابع: قد قدمنا أن هذا المشترك وهو [ ص: 69 ] المقدار صفة المقدر قائم به، لا أنه نفس المقدار وحقيقته، قال تعالى: وكل شيء عنده بمقدار [الرعد: 8] وقال: قد جعل الله لكل شيء قدرا [الطلاق: 3] فجعل المقدار القدر للأشياء؛ ولم يجعل ذلك أعيان الأشياء وذواتها، كما قال تعالى: وما ننزله إلا بقدر معلوم [الحجر: 21] وبينا أن كل واحد من المشترك والمميز يجوز أن يكونا سواء بالنسبة إلى الذات الموصوفة بهما. فليس جعل أحدهما ذاتا والآخر صفة بأولى من العكس، وبينا أنه وإن قيل إنه الذات. فليس هو تمام الحقيقة بل الحقيقة مؤلفة مما به الاشتراك وما به الامتياز
وإن كان جنسا كما قيل في الجوهر بالجنس لا يجب أن يكون متماثل الأنواع. فإن التماثل يحتاج إلى الاشتراك في جميع الصفات الذاتية، وهو قد سلم أن المتحيزات مختلفة في الصفات، فيجوز أن يكون كل جسم وإن كان التقدير ذاته [ ص: 70 ] فله صفات ذاتية مختصة به كما يقول من يقول من المتكلمين المنطقيين وغيرهم: " إن الجوهر جنس، وتحته أنواع إضافية، وتحت كل نوع أنواع إلى النوع الشامل الخاص الذي تتفق أفراده في تمام الماهية الحقيقية". وقد تقدم بسط هذا فلا نعيده إذا [ ص: 71 ] لم يذكر هو الحجة على ذلك بل أحال على ما تقدم. فالمتحيز.