وممن احتج به الحافظ أبو محمد بن حزم في مسألة [ ص: 258 ] استدارة الأفلاك مع أن أبا محمد هذا من أعلم الناس لا يقلد غيره ولا يحتج إلا بما تثبت عنده صحته وليس هذا الموضع.
وهؤلاء يحتجون في معارضة ذلك من الحديث بما هو عند أهله من الرأي السخيف الفاسد الذي يحتج به قياسو الجهمية كاحتجاج أبي القاسم المؤرخ في حديث أملاه في التنزيه بحديث أسنده عن عوسجة، وهذا [ ص: 259 ] الحديث مما يعلم صبيان أهل الحديث أنه كذب مختلق وأنه مفترى وأنه لم يروه قط عالم من علماء المسلمين المقتدى بهم في الحديث ولا دونوه في شيء من دواوين الإسلام، ولا يستجيز أهل العلم والعدل منهم أن يورد مثل ذلك إلا على بيان أنه كذب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين، وكان في ذلك ممن يتبع الظن وما تهوى الأنفس وهو من المقلدين لقوم لا علم لهم بحقيقة حالهم، كما قال [ ص: 260 ] تعالى: فمن رد تلك الأحاديث المتلقاة بالقبول واحتج في نقضها بمثل هذه الموضوعات فإنما سلك سبيل من لا عقل له ولا دين وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب [الشورى 14]..
وروى أيضا قال: ثنا عثمان بن سعيد، عبد الله بن رجاء، ثنا عن إسرائيل أبي إسحاق عن عبد الله بن [ ص: 261 ] خليفة، قال: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب، وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، ومد أصابعه الأربعة، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من يثقله.
[ ص: 262 ] وقال أيضا ثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد، وهو [ ص: 263 ] ابن سلمة الزبير أبي عبد السلام عن أيوب بن عبد الله الفهري أن قال: إن ربكم ليس عنده [ ص: 264 ] ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه، وإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده ثنتا عشرة ساعة، فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار فينظر فيها ثلاث ساعات فيطلع فيها على ما يكره فيغضبه ذلك، فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم، فيسبحه الذين يحملون العرش وسرادقات [ ص: 265 ] العرش والملائكة. ابن مسعود،
[ ص: 266 ] وأصحاب هذا القول فيستشهدون بما روي عن طائفة في تفسير قوله تعالى: تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن [الشورى 5].
قال في رده على عثمان بن سعيد الجهمية: ثنا عبد الله ابن صالح المصري، حدثني حدثني [ ص: 267 ] الليث، وهو ابن سعد، خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال أن حدثه عن زيد بن أسلم قال: أتى رجل عطاء بن يسار، كعبا وهو في نفر، فقال: يا أبا إسحاق، حدثني عن الجبار، فأعظم القوم قوله، فقال كعب: دعوا الرجل، فإن كان جاهلا تعلم، وإن كان عالما ازداد علما، ثم قال كعب: أخبرك أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ثم جعل ما بين كل سماءين كما بين [ ص: 268 ] السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك، وجعل بين كل أرضين كما بين السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك، ثم رفع العرش فاستوى عليه فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل العلا في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن.
وهذا الأثر وإن كان في رواية كعب فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب، ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة، ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا دافعها لا يصدقها ولا يكذبها؛ فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده هم من أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله من ثقل الجبار فوقهن، فلو كان هذا القول منكرا في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه.
[ ص: 269 ] وقد ذكر ذلك القاضي أبو يعلى الأزجي فيما خرجه من أحاديث الصفات، وقد ذكره عن طريق السنة حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، أبي، ثنا أبو المغيرة، حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان، عن أبيها أنه [ ص: 270 ] كان يقول إن الرحمن سبحانه ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش. خالد بن معدان،
قال القاضي وذكر أبو بكر بن أبي خيثمة في [ ص: 271 ] تاريخه بإسناده، حدثنا عن وذكر فيه: فإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة، فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم، فينظر فيه ثلاث ساعات فيطلع منها على ما يكره، فيغضبه ذلك، فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم، فيسبحه الذين [ ص: 272 ] يحملون العرش، وذكر الخبر. ابن مسعود،