ولكن فإنهم ذكروا أن من الناس من ينكر جملة العلوم ويجحدها، ومنهم من يشك ويقول: لا أدري، ويسمونهم "المتجاهلة، واللاأدرية" ومنهم من يقول: إن الحقائق تتبع العقائد. ثم قالوا: منهم من يعترف بالحسيات فقط، ومنهم من يضم إلى ذلك المتواترات. ويقولون: إن رئيس هؤلاء شخص يقال [له ]: غلطهم في تفصيل "السفسطة" كغلطهم في جملتها: "سفسطاء" نسبوا إليه، كما نسبت "المانوية" [ ص: 337 ] و"الجهمية" إلى رئيسهم. وهذا غلط؛ فإن أمة من الأمم لا يتصور أن تنكر ذلك، ولا يتصور أن عاقلا يصر على إنكار ذلك؛ ولكن قد يعرض للعقل نوع من الفساد كما يعرض للحس فينكر المنكر لذلك ما دام به ذلك المرض والآفة العارضة لعقله أو حسه. أما أن يكون ذلك مقالة ومذهبا يقولها طائفة عقلاء يعيشون بين بني آدم فهذا لا يتصور، ولكن وقع الاشتباه في هذا النقل؛ فإن هذه الكلمة هي كلمة معربة، وأصلها باليونانية سوفسقيا" أي حكمة مموهة، فإن "صوفيا" باليونانية هي الحكمة؛ ولهذا يقولون: "فيلاسوفا" أي محب الحكمة.