فيقال: في هذا الفصل من التناقض والفساد والإلحاد ما الله تعالى أعلم به، ولكن ننبه على بعضه، فإن ما ذكره في هذا الفصل هو عمدة لأهل الإلحاد، وذلك بوجوه:
الأول: أن لا لاعتقادهم أن في نفس الآيات ما يبين الاشتباه عما احتجوا به دون ما احتج به منازعوهم، فإن الاشتباه العارض حاصل من الجميع؛ إذ قد اشتبهت هذه الآيات على قوم، وهذه على قوم ما ذكره من أن كل أهل مذهب يجعلون [ ص: 444 ] ما وافق قولهم محكما، وما وافق قول خصمهم متشابها، إنما هو لاعتقادهم أن الدليل العقلي يدل على قولهم دون قول خصمهم،
وأما الاشتباه العام اللازم الذي يرجع إلى دلالة اللفظ، فهذا يشترك الناس في العلم به، لا يكون هذا متشابها عند طائفة محكما عند طائفة وبالعكس.
وإذا كانت كل طائفة تجعل قولها محكما؛ لأنه هو الموافق للدليل العقلي عندهم، فهذا هو القول الذي فرق به بين المحكم والمتشابه؛ لأن كل طائفة تدعي أن العقل معها، ويكون الذي أنكره هو الذي قرره. [ ص: 445 ]
يبين ذلك.