الخامس: أنه لو كان المقول «فوضع يده» فقط، وقال: إن هذا من جنس قولهم: يدي معكم، أو: يدي في هذا الأمر، ونحو ذلك مما يدل على أنه قائم فيه فاعل له لم يظهر فساده، كما يظهر الفساد في تأويل قوله: «فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي».
الوجه السادس: أن هؤلاء يعمدون إلى ألفاظ الحديث يقطعونها، ويفرقون بينها، ثم يتأولون كل قطعة بما يمكن وما لا يكمن.
ومن المعلوم أن الكلام المتصل بعضه ببعض يفسر بعضه بعضا، ويدل آخره على معنى أوله، وأوله لا يتم معناه إلا بآخره، كما يقال: الكلام بآخره، وهذا كثيرا ما يفعله هذا المؤسس وأمثاله، وهم في مثل ذلك كما يحكى عن بعض متأخرة الزنادقة [ ص: 375 ] المنافقين أنه قيل له: ألا تصلي فقال: إن الله يقول: فويل للمصلين فقيل له: ألا تتمها الذين هم عن صلاتهم ساهون [الماعون: 5] فقال: العاقل يكتفي بكلمة.
وأنشد بعض هؤلاء:
ما قال ربك ويل للألى شربوا بل قال ربك ويل للمصلينا