وكذلك التلقي بالإكرام هو فعل المرئي، فهو أحق بالوصف به من الرائي، فتبين بطلان أن يكون قوله: [ ص: 364 ] إلى المرئي فقط. «في أحسن صورة»
فإن قيل: يجوز أن يكون قوله: عائدا إلى الرؤية نفسها، فيكون متعلقا بالمصدر لا بالفاعل ولا بالمفعول، والتقدير: «رأيته رؤية هي في أحسن صورة» أي: صفة. «في أحسن صورة»
قيل: هذا لو صح لكان هو معنى الوجه الأول؛ لأن الرؤية صفة للرائي، فصفتها صفته، فيكون المعنى: «رأيت ربي وأنا في أحسن صورة» وأيضا فالصورة إنما يوصف بها ما قام بنفسه، فأما الرؤية ونحوها فيحتاج وصفها بالصورة إلى نقل ذلك من لغة العرب، بل لا يوصف بها في لغتهم إلا بعض الأمور القائمة بنفسها، كما تقدم من قول ابن عباس وعكرمة وغيرهما: «أن الصورة لا تكون إلا إذا كان له وجه» فقوله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 365 ] لا يتناول إلا ذلك. «من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ»
الخامس: أن حديث أم الطفيل نص في أن الصورة كانت للمرئي؛ حيث قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب». رأى ربه في صورة شاب موفر، رجلاه في خضر،
السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: وسكت، بل لم يقل ذلك إلا موصولا بما يبين صفة الرؤية، كما تقدمت ألفاظ الحديث بذلك، فهذا الذي ذكره المؤسس ومن نقل من كتبه «رأيت ربي في أحسن صورة» كابن فورك ممن جعله حديثا مفردا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثم يتأولون ذلك أمر لا أصل له. «رأيت ربي في أحسن [ ص: 366 ] صورة»