وأيضا: -ولا يجوز ذلك- لقيل كما قال الله تعالى: لو أريد أنه خلق من صورة الطين بعينها لا من أبوين من تراب وقال: إني خالق بشرا من طين [ص: 71]، [وقال: إني خالق] بشرا من صلصال من حمإ مسنون [الحجر: 28].
وكذلك إذا تأوله متأول على الصورة المقدرة له، وهي ما سبق له في علم الله وكلامه، وكتابه، أي: خلقآدم على الصورة التي قدرها له، فإن الله وإن كان خلق كل شيء على ما سبق من تقديره فلا يصح تأويل الحديث على هذا، لأن جميع الأشياء خلقها الله تعالى على ما قدره، فلا اختصاص لآدم بذلك.
وأيضا: فإنه لا يصلح أن يقول: فإن الوجه وسائر الأعضاء، بل وسائر المخلوقات خلقها على ذلك، فينبغي أن لا يصلح تقبيح شيء من الأشياء ألبتة، لعموم العلة. "لا تقبحوا الوجه ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على ما قدره"؛
وأيضا: فإن قوله: يمنع أن [ ص: 471 ] يكون المراد التقدير. "ووجه من أشبه وجهك"
وأيضا: فإن هذه العلة لا تصلح أن تكون مانعة من التقبيح.
وأيضا: فإن قوله: يمنع أن يكون المراد به التقدير، فإن ذلك لا يختص بالوجه، ولا "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته" بآدم، ولا يصلح أن يعلل به منع ضرب الوجه، ولو علل به وجب أن لا يضرب شيء من الأشياء.
وأيضا: فقوله: إلى قوله: "خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعا" صريح في أنه أراد صورة "فكل من يدخل الجنة يدخلها على صورة آدم" آدم المخلوقة لا المقدرة.
وأيضا: فتسمية ما قدر صورة ليس له أصل في كلام الله وكلام رسوله، فليس في هذا الخطاب أن صور الأشياء ثابتة في علم الله أو تقديره، وإن كان من المتأخرين من يقول: لفلان عند فلان صورة عظيمة، وهذا الأمر مصور في نفسي، لكن مثل هذا الخطاب لا يجوز أن يحمل عليه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون ذلك من لغته التي خاطب بها أمته.