[ ص: 205 ] فصل
الرازي: "الخامس قوله عليه السلام: وهذا [ ص: 206 ] لا بد فيه من التأويل. "إن الرحم تتعلق بحقوي الرحمن، فيقول سبحانه: صلي من وصلك". قال
يقال له: بل هذا من الأخبار التي (يقره من يقر) نظيره، والنزاع فيه كالنزاع في نظيره، فدعواك أنه لا بد فيه من التأويل بلا حجة تخصه لا يصح، فإنك إن ذكرت الحجة التي تذكرها على وجوب تأويل (خلقه بيديه) و (وضعه قدمه)، ونحو [ ص: 207 ] ذلك فهذا يحتاج إلى أن يحتج له، كما سيأتي، وإن كنت هنا ادعيت وجوب التأويل بالإجماع، فذكرت هذا وأمثاله فيما لا يشك أحد في وجوب تأويله. وليس الأمر كذلك.
قال "اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن الحقو والحجزة صفة ذات، لا على وجه الجارحة والبعض، وأن الرحم آخذة بها لا على وجه الاتصال والمماسة بل يطلق تسمية ذلك كما أطلقها الشرع، [ ص: 208 ] ونظير هذا ما حملناه على ظاهره في وضع القدم في النار، وفي أخذ القاضي أبو يعلى: داود بقدمه، لا على وجه الجارحة، ولا على وجه المماسة، كما أثبتنا خلق آدم بيديه، والخلق بهما لا على وجه المماسة والملاقات، كذلك ها هنا". فاليدان صفة ذات،
قال: "وذكر شيخنا أبو عبد الله في كتابه هذا في الحديث وأخذه بظاهره، وهو ظاهر كلام قال أحمد، جاءني كتاب من المروذي: دمشق فعرضته على أبي عبد الله، فنظر فيه، وكان فيه أن رجلا ذكر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي هريرة، وكان الرجل [تلقاه يعني] حديث "أن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم، قامت [ ص: 209 ] الرحم فأخذت بحقو الرحمن"، فرفع المحدث رأسه فقال: أخاف أن تكون كفرت، فقال أبي هريرة أبو عبد الله: هذا جهمي. وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله سئل عن حديث هشام بن عمار، أنه قرأ عليه حديث فقال: أخاف أن تكون قد [ ص: 210 ] كفرت. فقال هذا شامي، ما له ولهذا، قلت: ما تقول؟ قال: يمضي الحديث على ما جاء". "يجيء الرحم يوم القيامة فتتعلق بالرحمن"