قلت: أما قول القاضي: على غير وجه الاتصال والمماسة، وغير ذلك، ففيه نزاع يذكر في غير هذا الموضع.
وأما [ما ذكره] عن شيخه أبي عبد الله بن حامد، فقد قال ابن حامد في (كتابه): فصل: ومما يجب التصديق به أن لله حقوا. قال قرأت على المروذي أبي عبد الله كتابا، فنظر فيه، فإذا فيه ذكر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي هريرة فرفع المحدث رأسه وقال: أخاف أن تكون قد كفرت. قال "أن الله خلق الرحم، حتى إذا فرغ منها أخذت بحقو الرحمن" أبو عبد الله: هذا جهمي. وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله يسأل عن حديث هشام بن عمار أنه قرئ عليه حديث [ ص: 211 ] فقال: أخاف أن تكون قد كفرت. فقال: هذا شامي، ما له ولهذا؟!. "الرحم تجيء يوم القيامة فتتعلق بالرحمن تعالى"
قلت: ما تقول؟ قال: يمضي كل حديث على ما جاء. وعن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة قال: "الرحم شجنة -يعني لها تعلق تقرب- من الرحمن تعالى، تتعلق بحقو الرحمن تعالى، تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني". في الحديث في كنفه، أحمد قيل له: [ ص: 212 ] قول النبي صلى الله عليه وسلم: فقال قال: هكذا يقول بيديه. وهذه أحاديث مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرحم، والحقو، وأنه يضع كنفه على عبده. "يضع عليه كنفه"
ومثل ذلك -أيضا- ما رواه عنه أبو علي الصانع، من أصحاب إدريس الحداد المقري، قال: سمعت عمران النجار يقول: يقول- وسألته: أحمد بن حنبل ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض [الروم: 25]، فمن قال إن دعوة الله مخلوقة فقد كفر. قال: فجملة هذه المسائل مذهب إمامنا فيها: الإيمان والتصديق بها، والتسليم والرضا، وأن الله يضع كنفه على عبده تقريبا له، إلى أن يضع كنفه عليه. وذلك صفة ذاته لا يدرى ما التكييف فيها، ولا ماذا صفتها. وكذلك في الرحم تأخذ بحقو [ ص: 213 ] الرحمن، صفة ذاته لا يدرى ما التكييف فيها، ولا ماذا صفتها، وكذلك [دعوة] الله لعباده وهم في الأرض أموات بالخروج منها فيخرجون، كل ذلك صفات ذاته من غير تكييف ولا تشبيه. قال: فأما الحديث في الرحم، والحقو، فحديث صحيح، ذكره سمعت وقد سئل إمامنا عنه فأثبته، وقال: يمضي الحديث كما جاء. البخاري،
وأما الحديث في كنفه، فهو حديث ثابت، رواه الأئمة: أحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، [ ص: 214 ] ووكيع: أن الله يدني عبده يوم القيامة، يقول أدنه أدنه، حتى يضع كنفه عليه، فيقول: أتذكر كذا؟ أتذكر كذا؟.