الوجه الثاني: كما تقوله طائفة من أن يقال: ظاهر هذه الآيات إما أن يقتضي أنه بذاته في كل مكان أو لا يقتضي، فإن اقتضى الأول وجب القول بمضمون الصنفين جميعا، فيقال إنه فوق العرش، وإنه بذاته في كل مكان، الجهمية المجسمة وغير المجسمة كما تقدم ذكره، فكان على هذا المؤسس أن يقول [ ص: 310 ] بقول هؤلاء؛ إن كانت هذه الآيات تقتضي أنه في كل مكان بذاته، ويحتاج أن يجيب إخوانه هؤلاء الجهمية عن دلالة الصنفين من الآيات على مذهبهم. وإن لم تكن هذه الآيات تقتضي أنه بذاته في كل مكان وهو الذي تقوله الجماعة، لم يصلح لمعارضة ما دل على أنه فوق العرش، فقد ظهر على التقديرين بطلان قوله وهو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، فإنه سواء كانت هذه الآيات دالة على أنه في كل مكان أو لم تكن دالة، فإن القرآن يدل على بطلان قولهم إنه لا داخل العالم ولا خارجه، إذ مضمون القرآن على أحد التقديرين أنه خارج العالم، وعلى التقدير الآخر الذي عارض به المنازع أنه داخله، والقول بمضمونها، قد قاله قوم. وعلى التقديرين فقول المؤسس باطل، يقرر هذا: