ولكن نذكر جوابا عاما فنقول: فإن لزم أحدهما كان ذلك لازما للحق، ولازم الحق حق، وليس في مماسته للعرش ونحوه محذور كما في مماسته لكل مخلوق من النجاسات والشياطين وغير ذلك؛ فإن تنزيهه عن ذلك إنما أثبتناه لوجوب بعد الأشياء عنه، ولكونها ملعونة مطرودة، لم نثبته لاستحالة المماسة عليه، وتلك الأدلة منتفية في مماسته للعرش ونحوه، كما روي في مس كونه فوق العرش ثبت بالشرع المتواتر وإجماع سلف الأمة مع دلالة العقل ضرورة ونظرا أنه خارج العالم، فلا يخلو مع ذلك: إما أن يلزم أن يكون مماسا أو مباينا، أو لا يلزم. آدم وغيره، وهذا جواب جمهور أهل الحديث وكثير من أهل الكلام. وإن لم يلزم من كونه فوق العرش أن يكون مماسا أو مباينا فقد اندفع السؤال.
فهذا الجواب هنا قاطع من غير حاجة إلى تغيير القول الصحيح في هذا المقام، وبين من قال: إنه فوق العرش، ليس [ ص: 128 ] بمباين له ولا مماس كما يقوله من الكلابية والأشعرية من يقول، ومن اتبعهم من أهل الفقه والحديث والتصوف والحنبلية وغيرهم. إن كان قولهم حقا فلا كلام، وإن كان باطلا (فليس ظهور بطلانه موجودا قائما بنفسه، مع وجود قائم بنفسه أنه فيه ليس بمماس ولا مباين له، وأنه ليس هو فيه ولا هو خارجا عنه).