وهو الوجه الرابع والثلاثون يقال له: حيث لم يشهدوا مدعوا حيا عالما قادرا إلا جسما. ومعلوم أن الدعاة الرافعي أيديهم لو لم يكن فيهم من قوله حجة وخلاف قوله كفر، [ ص: 617 ] فلا نزاع في أنهم جماهير بني آدم من الأولين والآخرين، وفيهم من العلماء والعباد من لا يحصيه إلا رب العباد. فلو لم يكن هذا دليلا من أعظم الأدلة على أن الله جسم بمقتضى ما قررته لكان هذا مما يجب الجواب عن حجة قائله، فإن مخالفة جماهير بني آدم ليست هينة، ولا يصلح أن يكون ما ذكرته من الحجة على نفي الجسم جوابا، لأن هذا الدليل الذي ذكرته عنهم يقتضي أنهم احتجوا على كونه جسما بما ذكرته عنهم، وهذه معارضة لما ذكرته، فإن لم تبين فساد هذه المعارضة لم يكن بطلان حجتك لحجتهم بأولى من العكس، وأنت لم تذكر حجة على فساد حجتهم بحال. هذا الذي ذكرته مضمونه: الدعاة الرافعو أيديهم لاعتقادهم أن الله جسم
فإن قيل: هذه الحجة مبناها على قياس الغائب على الشاهد، وهو باطل، قيل: قياس الغائب على الشاهد باتفاق الأمم ينقسم إلى حق وباطل، فإن لم تبين أن هذا من الباطل لم يصلح رده بمجرد ذلك.