نقول: الوجه الثاني في تقرير المقدمة المذكورة: أن يقال: فكيف بإجماع جميع الأمم من المسلمين واليهود والنصارى والمشركين وغيرهم. فمن اعتقد أن الأمم المختلفة الملل والأجناس إذا اجتمعت على مثل هذا الأمر من غير أن يجمعها عليه جامع خاص تكون مخطئة، فلا ريب أنه مع كونه قد قدح في إجماع المسلمين مصاب في عقله، كما هو مصاب في دينه، حيث جوز أن يكون الأولون والآخرون مخطئين، وهو المصيب، وصار هذا بمنزلة أن يخبر جميع الناس بأنهم رأوا الهلال. ويقول بعض الناس: إن حسهم غلط ولا هلال هناك. أو يخبر جميع الناس برؤية شيء من الكواكب، أو سماع شيء من الأصوات، أو ذوق شيء من المطعومات، ويطعن طاعن فيما يخبر به أصناف الأمم من ذلك. فإن هذا من [ ص: 599 ] أعظم السفسطة وفساد العقل. إجماع المسلمين حجة،