ومن يقول: يرى لا في جهة، لا يقول: إن بينه وبين الخلق حجابا، ولا يتصور أن يحتجب عن الخلق، ولا أن يكشف الحجاب، وقد صرحوا بذلك كله قالوا: لأن ذلك كله من صفة الجسم المتحيز، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بذلك علم أنه يرى في الجهة، وليست الرؤية التي أخبر بها ما يزعمونه من الأمر الذي لا يعقل ينافقون فيه أهل الإيمان وعن شعبة بن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس [ ص: 441 ] أبي رزين قال: قلت: يا رسول الله أنرى ربنا يوم القيامة؟ قال: نعم، قال: وما آية ذلك في خلقه؟ قال: أليس كلكم ينظر إلى القمر ليلة البدر، وإنما هو خلق من خلق الله، الله أعظم وأجل" وفي رواية عن عن حماد بن سلمة يعلى بن عطاء عن وكيع ابن حدس أبي رزين قال: قلت: يا رسول الله، كلنا نرى الله يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين، أليس كلكم يرى القمر مخليا؟ قلت: بلى، قال: والله أعظم، وذلك آيته في خلقه". رواه عن عمه أحمد وأبو داود ولفظ وابن ماجه، أبي داود: وفي رواية له: " قلت: يا رسول الله، كلنا يرى ربه؟" أبا رزين، "أليس كلكم يرى القمر؟" وفي رواية له: " مخليا به يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا قال ليلة البدر مخليا به" قلت: بلى، قال: والله أعظم، سمعت الخلال: أبا [ ص: 442 ] سعيد المصيصي الفقيه قال: قال أبو صفوان: رأيت [ ص: 443 ] المتوكل في النوم، وبين يديه نار مؤججة عظيمة فقلت: يا أمير المؤمنين! لمن هذه النار؟ فقال: هذه لابني المنتصر، لأنه قتلني، وتدري لم قتلني؟ لأني حدثته أن الله يرى في الآخرة.
قال أبو سعيد: فقال هذه رؤيا حق. وذلك أن إبراهيم الحربي: المتوكل كتب حديث عن حماد بن سلمة يعلى بن عطاء عن وكيع ابن حدس بيده عن عبد الأعلى، وقال: لا أكتبه إلا بيدي.
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لما سأله، وسأله عن آية ذلك في خلقه، والآية العلامة والدلالة وهو ما يعلم به ويدل على جواز ذلك، فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل بطريق القياس [ ص: 444 ] التنبيه والأولى. وقد قدمنا غير مرة أن مثل هذا القياس في قياس الغائب على الشاهد هو مما ورد في الكتاب والسنة فقال: الله يرى يوم القيامة وقال: " إنما هو خلق من خلق الله"، " وذلك آيته في خلقه". " أليس كلكم يرى القمر مخليا به ليلة البدر؟" قال: " فالله أعظم وأجل"
وإثباته صلى الله عليه وسلم جواز الرؤية لجميع الخلق في وقت واحد وكل منهم يكون مخليا به بالقياس على رؤية القمر مع قوله: " والله أعظم وأجل" دليل واضح على أن الناس يرونه مواجهة عيانا، يكون بجهة منهم، وأنه إذا أمكن في بعض مخلوقاته أنه يراه الناس في وقت واحد كلهم يكون مخليا به، فالله أولى أن يمكن ذلك فيه، فإنه أعظم وأجل.