الوجه العاشر: أن يقال: الذات التي هي واجبة الوجود بنفسها، وصفاتها لازمة لها لا يجوز أن توصف بما توصف به الذات الممكنة الجائزة، وذلك لأن الأجسام المخلوقة لها أبعاض وصفات، فيجوز أن الله يفرق بين أبعاضها، ويجوز أن يزيل صفاتها عنها، كما يجوز أن يعدمها. فبتقدير أن يكون على العرش وهو عظيم، يتميز منه جانب عن جانب، يكون ما هو داخل في مسمى اسمه من الأمور اللازمة التي لا يجوز أن تفارق ذاته، ويكون ما هو موصوف به من الاجتماع والاتصال أمرا واجبا لذاته؛ لأنه الصمد كما تقدم، وهذا ظاهر. والله سبحانه وتعالى [ ص: 147 ] لا يجوز عليه العدم، ولا يجوز أن تفارقه صفاته الذاتية،
وإن كان واجبا فبتقدير تماثل الأبعاض مع هذا لا يستلزم جواز التفرق لأن وجوب الاجتماع والاتصال يوجب أن يكون مكان كل واحد وحيزه داخلا في عينه الحاصلة، والمثلان لا يجب أن يوصف أحدهما بما يوصف به خصوص عينه، ولأن الموجب للاجتماع والاتصال ما تستحقه الذات من وجوب وجودها بصفاته اللازمة، وإذا كان كذلك فصار المتلاقيان متباعدين، والمتباعدان متلاقيين بغير اجتماع الذات واتصالها عما كان عليه، فلم يقم أحدهما مقام الآخر، ولا يسد مسده، فلا يكونان مثلين.