كان من الملاحدة، وكان أبوه من دعاتهم، وابن سينا [ ص: 140 ] وذكر هو أنه بسبب ذلك اشتغل فيما اشتغل به من علوم الفلاسفة الصابئة الأوائل، فإن أصول الملاحدة مبنية على ما أخذوه من هؤلاء الصابئة وما أخذوه من المجوس. وهؤلاء الصابئة المبتدعون يقولون: إن العالم متولد عن الله، والمجوس يجعلون له شريكا في خلقه. فالطائفتان كما قال تعالى: وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم [الأنعام: 100] وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك [الإسراء 111] وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فإن المجوس تجعل إبليس وهو أصل الظلمة هو شريك النور في التخليق، فيجعلون الجن شركاءه. وليس هذا موضع بسط ذلك، ولكن ننبه على أن كتاب الله لما كان دعوة لجميع الخلق ففيه تفصيل كل شيء، وهو [ ص: 141 ] الحاكم بين جميع الناس فيما اختلفوا فيه.
ولهذا أراد النصير الطوسي ونحوه من ملاحدة المسلمين واليهود على أن يضعوا للدولة الكافرة المشركة الجاهلة دولة هولاكو عقيدة، واتفقوا على أن تكون عقيدة ولهذا كانت الملاحدة تميل إلى هؤلاء المشركين كثيرا، وكان ملكهم ابن سينا، هولاكو يقرب الملاحدة ويستعين بهم على المسلمين لما عرف مباينتهم في الباطل للإسلام وأهله، مع منافقتهم لهم [ ص: 142 ] في الظاهر.