والوجه الثاني: أن السؤال الذي ذكرتم، إن صح فحينئذ لا يمكنكم القطع بتماثل الجواهر لاحتمال أن يقال: الجواهر [ ص: 63 ] وإن اشتركت في الحصول في الحيز إلا أن هذا اشتراك في حكم من الأحكام، والاشتراك في الحكم لا يقتضي الاشتراك في الماهية، وإذا لم يثبت كون الجواهر متماثلة، فحينئذ لا يبعد في العقل وجود جواهر مختصة بأحيازها على سبيل الوجوب، بحيث يمتنع خروجها عن تلك الأحياز، وحينئذ لا يطرد دليل حدوث الأجسام في تلك الأشياء. وعلى هذا التقدير لا يمكنكم القطع بحدوث كل الأجسام.
فيقال: هذه الحجة قد تقدم الكلام على موادها غير مرة. والكلام عليها من المقامين المتقدمين أحدهما كما ذكرنا أن هذا قول طوائف كثيرة من أهل الكلام والفقهاء ومن تبعهم من أهل الحديث قول من يقول: إنه فوق العرش، وهو مع ذلك ليس بجسم ولا هو متحيز والصوفية وغيرهم، وهذا قول [ ص: 64 ] ابن كلاب وأئمة أصحابه وغيرهم. فعلى هذا [ ص: 65 ] والأشعري وقد تقدم ما في ذلك من دعوى الضرورة من الجانبين. لا يلزم من نفي كونه متحيزا نفي كونه على العرش.