وأما قوله: " هذا باطل بالاتفاق بيننا وبين الخصم " فيقال في الوجه الخامس: مثل هذه الحجة غير مقبولة كما ذكرت ذلك في نهايتك في ترتيب الطرق الضعيفة في أصول الدين وذكرت منها: الإلزام، وهو الاستدلال بموافقة الخصم في صورة على وجوب موافقته على الأخرى لملازمة بينهما يذكرها [ ص: 46 ] المستدل وقلت: " هذا النوع من الحجة لا يصلح لإفادة اليقين -وهذا ظاهر- ولا لإفحام الخصم أيضا. وبيانه هو أن للخصم أن يقول إني إنما اعترفت بالحكم في محل الوفاق لعلة غير موجودة في محل النزاع. فإن صحت تلك العلة بطل القياس لظهور الفارق، وإن بطلت تلك العلة منعت الحكم في محل الوفاق، فهذه الحجة دائرة بين منع الحكم في الأصل وبين ظهور الفارق بينه وبين الفرع ".
وهذا بعينه وارد فيما ذكرته هنا، فإن الخصم الذي وافقك على أنه ليس في جهة التحت، هو يقول والعرش فوق السماوات، والسموات فوق الأرض، ولا يوصف بالتحت، لأنه يلزم من ذلك أن لا يكون فوق العرش. وهذا الخصم قد لا يعلم أو لا يسلم أنه ممكن أن يوصف بعض هذه الأجسام بأنها تكون تحت شيء بوجه من الوجوه. إن الله فوق العرش فوق السماوات، لمنافاته لذلك. فنفى أن يكون الله تحت شيء