قال: والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم المتأخرين تنزيه الباري عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم؛ لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون وذلك [ ص: 390 ] مستلزم للتحيز والتغير والحدوث، هذا قول المتكلمين.
قال: وقد ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته، كما قال كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله، رحمه الله: الاستواء معلوم يعني في اللغة، والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت مالك أم سلمة رضي الله [ ص: 391 ] عنها وهذا القدر كاف، قال: والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار وذكر كلام الجوهري وغيره.
[ ص: 392 ] وأما نقل مذاهب سلف الأمة وأئمتها وسائر الطوائف، فروى في كتاب الأسماء والصفات بإسناد صحيح عن أبو بكر البيهقي قال: كنا والتابعون [ ص: 393 ] متوافرون نقول إن الأوزاعي، الله تعالى ذكره فوق سماواته ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته.
وقال أبو بكر النقاش صاحب [ ص: 394 ] التفسير والرسالة: حدثنا سمعت أبو العباس السراج، يقول: هذا قول الأئمة في الإسلام [ ص: 395 ] والسنة والجماعة نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال سبحانه: قتيبة بن سعيد الرحمن على العرش استوى [طه 5] .