وهذه الحجة لما كان أصلها هو البحث عن حكمة الإرادة، ولم فعل ما فعل؟ وهي ظهر بها ما كان السلف يقولونه: إن الكلام في القدر هو «أبوجاد الزندقة»، وعلم بذلك حكمة نهيه صلى الله عليه وسلم لما رآهم يتنازعون في القدر عن مثل ما هلك به الأمم قال لهم: «مسألة القدر» وعن هذا نشأ مذهب المجوس والقدرية، -مجوس هذه الأمة- حيث خاضوا في التعديل والتجويز بما هو من فروع هذه الحجة، كما أن التجهم فروع تلك الحجة. «بهذا هلكت الأمم قبلكم، أن تضربوا [ ص: 480 ] كتاب الله بعضه ببعض»،
ثم إن الدهرية ظنوا أنهم بالقول بقدم العالم، ينجون من هذه الشبهات، وكان الذي وقعوا فيه شرا مما وقعت فيه المجوس والقدرية، ولهذا كان المشركون والصابئون القائلون بقدم العالم، ومن معهم من الفلاسفة شرا من المجوس، ومن معهم من القدرية والمعتزلة وغيرهم.
[ ص: 481 ]