قلت: هذان القولان هما القولان اللذان ذكرهما ابن الجوزي.
فالتأويل بمعنى صرف الآية إلى خلاف ظاهرها، لم يذكر أحد من هؤلاء المفسرين أنه مراد من وما يعلم تأويله إلا الله وهو كما قالوا: لم ينقل عن أحد من السلف، وإنما فهمه بعض المتأخرين، لأنه كان في اصطلاحهم لفظ التأويل يراد به هذا، فظنوا أن هذا هو التأويل في لغة القرآن. قوله تعالى:
وهؤلاء يلزمهم أن لا يكون شيء من المتشابه أريد به ما هو [ ص: 278 ] نص أو ظاهر فيه، بل كله أريد به خلاف ما دل عليه لفظه.
وهذا القول كما لم يذكره هؤلاء المفسرون، ولا جمهور المفسرين، فما رأيته منقولا عن أحد من السلف الذين فسروا الآية بما نقل عن السلف، لم يذكر هذا القول، لأنه غير مأثور عنهم، ولا هو موافق للغة القرآن، ولا للغة العرب مطلقا، ولا هو صحيح من جهة المعنى كما قد بسط في موضعه.
وأما ما ذكروه من أن التفسير مأخوذ من التفسرة وهو الماء الذي ينظر فيه الطبيب ليستدل به، فمثل هذا قد يقوله بعض الناس، يجعلون اللفظ المشهور من لفظ أخفى منه، وهذا إذا أريد به التناسب فهو قريب، وأما إذا أريد به أن ذلك هو الأصل لهذا فهو غلط، بل الأمر بالعكس، فإن لفظ الفسر والتفسير مشهور من كلامهم، وهو البيان والإيضاح.
قال أهل اللغة -واللفظ للجوهري- الفسر البيان، وقد فسرت الشيء أفسره –بالكسر- فسرا، والتفسير مثله، واستفسرته كذا، أي: سألته أن يفسره لي، قال: والفسر نظر الطبيب إلى الماء، وكذلك التفسرة، قال: وأظنه [ ص: 279 ] مولدا.