والثالث: ومعلوم أن هذا يناقض ما وصف به، ثم إنه على هذا التقدير الذي يدعيه هؤلاء كان أن لا ينزل القرآن ولا يرسل الرسول أصلح للخلق، فإن الهدى إنما حصل لهم بعقل، لم يحتاجوا فيه إلى الكتاب والرسول، لكن الكتاب والرسول عندهم عارض هذا العقل، ولهذا قالوا: يقدم العقل، وما جاء به الرسول إما أن يعرض عنه، وإما أن يوضع له محامل يحمل عليها. (أنه إذا لم يمكن بيان المقصود افتقر الناس إلى [ ص: 249 ] الأدلة العقلية، فيعرف الحق بالعقل)،
وعلى التقدير، فالكتاب والرسول ما حصل بهما بيان وهدى وعلم، بل كان عندهم سببا لضد ذلك، وإنما حصل العلم بأصول الدين، والتوحيد عندهم معقول يخالف ما جاء به الرسول، لم يدل الرسول عليه ولا أرشد إليه، وهذا في غاية المناقضة لما احتجوا به من هذه الآيات.