وإذا كان كذلك فالكلام على ما ذكره من وجوه:
أحدها: أن الذي ذكره المؤسس عن منازعيه أنهم قالوا: اللقاء من صفات الأجسام، يقال: التقى الجيشان إذا قرب أحدهما من الآخر في المكان، لم يذكر عنه جوابا.
فإن قوله: "اعلم أنه لما ثبت بالدليل أنه –تعالى- ليس بجسم، وجب حمل اللفظ على أحد وجهين": تسليم لهم أن [ ص: 15 ] اللفظ يدل على التجسيم، وأن هذه النصوص المذكورة في القرآن تدل على أن الله جسم، وإذا سلم لهم هذه الدلالة فلم يذكر ما يعارضها، لأن ما ذكره هو وغيره من الأدلة قد تقدم بيان حالها، بحيث يظهر كل من فهمها: أنها ليست بأدلة ألبتة، وأن الحجج العقلية التي حكوها عن منازعيهم في الإثبات، أقوى من حججهم المذكورة على النفي، وحينئذ فيكون ما سلمه من دلالة القرآن على قول منازعيه: سليما عن المعارض.