الوجه العاشر: قد جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة المتواترة، واتفق على ذلك سلف الأمة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- طائفة من النصوص التي فيها إثبات صورة الله تعالى كقوله: ثبوت الوجه والصورة لله ونحو ذلك مما هو من الأحاديث التي اتفق العلماء على صحتها، وثبوتها. "فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون"
فأما لفظ الوجه: فلا يمكن [استقصاء] النصوص المثبتة له.
فإن قيل: قوله صلى الله عليه وسلم: آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال له: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة [ ص: 527 ] فسلم عليهم، واسمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، قال: وكل من يدخل الجنة على صورة آدم، طوله ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن". "خلق الله
وهذا الحديث إذا حمل على صورة الله تعالى كان ظاهره أن الله طوله ستون ذراعا، والله تعالى -كما قال "جل أن يوصف بالذرعان والأشبار". ومعلوم أن هذا التقدير في حق الله باطل على قول من يثبت له حدا ومقدارا، من أهل الإثبات، وعلى قول نفاة ذلك، أما النفاة فظاهر، وأما المثبتة فعندهم قدر الله تعالى أعظم، وحده لا يعلمه إلا هو، وكرسيه قد وسع السموات والأرض، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة. ابن خزيمة