المثال الثالث: قوله تأويل أحاديث الضحك:
nindex.php?page=treesubj&link=29719_28712 "واعلم أن حقيقة الضحك على الله عز وجل محال، ويدل على ذلك وجوه:
الأول: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=43وأنه هو أضحك وأبكى [النجم: 43] فبين أن اللائق به أن يضحك ويبكي، فأما الضحك والبكاء، فلا يليقان به" وقال: "لو جاز الضحك عليه، لجاز البكاء عليه، وقد
[ ص: 324 ] التزمه بعض الحمقى".
قال: "والضحك إنما يتولد من التعجب، والتعجب: حالة تحصل للإنسان عند الجهل بالسبب، وذلك في حق عالم الغيب والشهادة محال".
إلى أن قال: "إذا ثبت هذا فنقول: وجه التأويل فيه من وجوه:
أحدها: أن المصدر كما يحسن إضافته إلى المفعول، فكذلك يحسن إضافته إلى الفاعل، فقوله: "ضحكت من ضحك الرب" أي من الضحك الحاصل في ذاتي، بسبب أن الرب خلق ذلك الضحك.
الثاني: أن يكون المراد أنه تعالى لو كان ممن يضحك كالملوك كان هذا القول مضحكا [له]"
ذكر هذا التأويل بعد أن ذكر لفظ الحديث الذي في
[ ص: 325 ] (الصحيح) وعزاه إلى (شرح السنة) عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة من أخرجه الله تعالى بفضله من النار، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=684375 "فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول الله تعالى: يا ابن آدم! أيرضيك أن أعطيك الدنيا؟ [قال]: فيقول: أي رب أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟" فضحك nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: لم تضحك؟ فقال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: ولم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين، حين قال: أتهزأ [ ص: 326 ] بي وأنت رب العالمين، فيقول الله تعالى: إني لا أستهزئ بك وأنا على ما أشاء قدير".
وذكر من (شرح السنة) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم -وهو طويل- قال فيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650764 "ثم قال: يا رب أدخلني الجنة. فيقول الله تعالى: أولست قد زعمت أن لا تسألني غيره؟! ويلك يا ابن آدم، ما أغدرك. فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى ضحك، فإذا ضحك الله منه أذن له بدخول الجنة".
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَأْوِيلُ أَحَادِيثِ الضَّحِكِ:
nindex.php?page=treesubj&link=29719_28712 "وَاعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ الضَّحِكِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُحَالٌ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وُجُوهٌ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=43وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى [النَّجْمِ: 43] فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّائِقَ بِهِ أَنْ يَضْحَكَ وَيَبْكِيَ، فَأَمَّا الضَّحِكُ وَالْبُكَاءُ، فَلَا يَلِيقَانِ بِهِ" وَقَالَ: "لَوْ جَازَ الضَّحِكُ عَلَيْهِ، لَجَازَ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ، وَقَدِ
[ ص: 324 ] الْتَزَمَهُ بَعْضُ الْحَمْقَى".
قَالَ: "وَالضَّحِكُ إِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنَ التَّعَجُّبِ، وَالتَّعَجُّبُ: حَالَةٌ تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالسَّبَبِ، وَذَلِكَ فِي حَقِّ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ مُحَالٌ".
إِلَى أَنْ قَالَ: "إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: وَجْهُ التَّأْوِيلِ فِيهِ مِنْ وُجُوهِ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَصْدَرَ كَمَا يَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَكَذَلِكَ يَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، فَقَوْلُهُ: "ضَحِكْتُ مِنْ ضَحِكِ الرَّبِّ" أَيْ مِنَ الضَّحِكِ الْحَاصِلِ فِي ذَاتِي، بِسَبَبِ أَنَّ الرَّبَّ خَلَقَ ذَلِكَ الضَّحِكَ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَضْحَكُ كَالْمُلُوكِ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مُضْحِكًا [لَهُ]"
ذَكَرَ هَذَا التَّأْوِيلَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي
[ ص: 325 ] (الصَّحِيحِ) وَعَزَاهُ إِلَى (شَرْحِ السُّنَّةِ) عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ مِنَ النَّارِ، قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=684375 "فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ! أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا؟ [قَالَ]: فَيَقُولُ: أَيْ رَبٍّ أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟" فَضَحِكَ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: لِمَ تَضْحَكُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالُوا: وَلِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حِينَ قَالَ: أَتَهْزَأُ [ ص: 326 ] بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَأَنَا عَلَى مَا أَشَاءُ قَدِيرٌ".
وَذَكَرَ مِنْ (شَرْحِ السُّنَّةِ) حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ طَوِيلٌ- قَالَ فِيهِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650764 "ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَوَلَسْتَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟! وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى ضَحِكَ، فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ".