والغرض أن هذا ليس مما اتفقت الأئمة على تأويله [ ص: 223 ] فلا يكون حجة له.
فإن قيل: فقد ذكر وغيره أن هذا الحديث مما يتأول بالاتفاق. فقال الخطابي في كتاب (شعار الدين): "القول في مراتب الصفات: أن أبو سليمان الخطابي، وكلا القولين خطأ وخطل، وللحق [ ص: 224 ] بينهما نهج واضح، لا يخفى صوابه على من وفقه الله. قوما من المثبتين للصفات أفرطوا في تحقيقها، حتى خرجوا إلى ضرب التشبيه والتمثيل، كما أفرط قوم في نفيها، حتى صاروا إلى نوع من الإبطال والتعطيل،
فأما الجهمية فإنهم قصدوا إلى كل شيء يفهم ويدرى أو يتوهم من أسماء الله وصفاته فسموه تشبيها بغير حجة. النفاة من
وأما أو يخرج على وجه يصح على معاني أصول العلم، وتعسفوا -أيضا- في جهات مأخذها، حتى جعلوا شيئا كثيرا مما تلقفوه من أفواه الناس، وحفظوه من ألسن القصاص وسمعوه رواية عن قراءة الكتب، مثل المشبهة فإنهم حملوا كل شيء من هذا على حقيقة اسمه [بظاهر] معناه من غير تأويل له، كعب، [ ص: 225 ] ووهب، وأمثالهما، مثل نوف البكالي، وعن بعض أهل التفسير، كمقاتل بن سليمان، وكأشياء تروى عن ومن نحا نحوه من [المقتحمين] في هذا الباب: أصلا يعتقدونه دينا، ويتخذونه مذهبا، وهذا مما يجب [التثبت] فيه [ ص: 226 ] و [التوقف] عنه، فإن هذا الشأن أعظم من أن يدخله شيء من التساهل، أو يكون فيه للظن مدخل، أو للتأويل موضع، أو للعقل والقياس متعلق، إنما طريق العلم به السماع، أو التوقيف من قبل الكتاب المنزل، أو قول الرسول المرسل بالخبر الصحيح، الذي يقطع العذر به. وقد مجاهد، فقطع الشبه بينه وبين الأشياء كلها، وأبطل القياس فيها، وقال سبحانه وتعالى: أخبر الله أنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء [البقرة: 255]، وقال: ولا تقف ما ليس لك به علم [الإسراء: 36]، وقال: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [البقرة: 169].