قلت: ثم رأيت أبا عبد الله بن حامد ذكر في كتابه في ذلك نزاعا بين أصحابه، فقال: "فصل: فقد ذكر وهل يجوز أن يقال بأن الريح من نفس الرحمن؟ ابن قتيبة في التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن" قال: فرأيت بعض أصحابنا يثبتون لله وصفا في ذاته بأنه يتنفس. وقد فصلوا بين الرياح، فقالوا: ما كان من هذه الرياح الهابة مثل رياح الرحمة والعذاب من الريح العقيم [ ص: 162 ] والعاصف، والجنوب، والشمال، والصبا، والدبور، وما دخل في ذلك وهي ثلاثون ريحا، كلها خاصة بالأفعال مخلوقة. وريح أخرى من صفاته هي ذات نسيم [ ص: 163 ] [صباي] هو خارج عن الريح وهي من نفس الرحمن.
قال ابن حامد "ولم أجد ذلك لأبي عبد الله نصا، ولا أدخله في [جامعه] من [كتاب السنة]، والأشبه عندي أنه ضعيف الإسناد فلا يجوز أن يثبت به صفات الله تعالى". الخلال
قلت: فابن حامد قد طعن في نفس هذا الخبر من أصله فلم يحتج إلى تأويله.
وأما القاضي فقال: "وإنما وجب حمل [هذا] [ ص: 164 ] الخبر على هذا، ولم يجب تأويل غيره من الأخبار؛ لأنه قد روي في الخبر ما يدل على ذلك. وذلك أنه قال: وهذا يقتضي أن فيها شرا، وأنها مرسلة، وهذا من صفات المحدثات. "فإذا رأيتموها فقولوا: اللهم إنا نسألك من خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"،
قال: "وحدثنا أبو القاسم بإسناده عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة "إن الريح من روح الله، يبعثها بالرحمة، ويبعثها بالعذاب، فلا تسبوها، واسألوا الله [خيرها]، وعوذوا بالله من شرها".
قال وقوله: يدل على صحة هذا التأويل، وأنه يروح بها عن المكروب. وقوله: "فإنها من روح الله" صريح في أنها مخلوقة، مأمورة بالرحمة تارة وبالعذاب أخرى، وهذا دليل على صحة هذا التأويل". "يبعثها بالرحمة [ ص: 165 ] وبالعذاب"
ثم قال: "حديث آخر في هذا المعنى من حديث [دعلج]، عن بإسناده ابن خزيمة، اليمن: "إني أجد نفس الرحمن من ها هنا". وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهو [ ص: 166 ] مولي ظهره إلى في مكاتبته إلى بعض أصدقائه بإسناده، عن ابن بطة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أبي هريرة، اليمن". "الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل
قال القاضي: "ومعناه ما تقدم من الحديث الذي قبله وهو: أني أجد تفريج الله (عني وتنفيسه عن كربي بنصرته إياي من قبل اليمن. وذلك لما نصره المهاجرون والأنصار نفس الله) عن نبيه ما كان فيه من أذى المشركين، وقتلهم الله على أيدي المهاجرين من أهل اليمن والأنصار.
اليمن، فروي عنه أنه قال: وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يمدح أهل وإنما وجب حمله على ذلك لما تقدم في الحديث الذي قبله، وأن فيه ما دل على أن النفس مخلوق؛ لأنه أضافه إلى الريح، والريح مخلوقة، من جهة أنها مأمورة بالرحمة والعذاب، فوجب حمل هذا [ ص: 167 ] المطلق على ذلك". (الإيمان يمان، والحكمة يمانية).