[ ص: 143 ] 955 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط في إحرامها : أن حلها حيث تحبس .
5903 - حدثنا حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، ، حدثنا أسد بن موسى ، عن سعيد بن سالم قال : أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير ، طاووسا يخبران ، عن وعكرمة مولى ابن عباس : ابن عباس
قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قالت له : إني امرأة ثقيلة ، وإني أريد الحج ، فكيف تأمرني أهل قال : أهلي ، واشترطي أن محلي حيث تحبسني ، فأدركت الحج ضباعة بنت الزبير أن .
[ ص: 144 ]
5904 - وحدثنا حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد ، ، حدثنا علي ابن المديني أخبرنا هشام بن يوسف ، ، أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير ، طاووسا يخبران ، عن وعكرمة ، ثم ذكر مثله . ابن عباس
5905 - وحدثنا حدثنا يزيد بن سنان ، ، حدثنا أبو عامر العقدي رباح بن أبي معروف ، عن . عطاء
عن ابن عباس لضباعة : حجي ، واشترطي أن محلي حيث تحبسني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال .
[ ص: 145 ]
5906 - وحدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا عارم أبو النعمان ، حدثنا ثابت بن يزيد هلال - يعني ابن خباب - قال : ، عن الرجل يحج أيشترط ؟ قال : الشرط بين الناس . قال : فحدثني سعيد بن جبير . عن عكرمة أن ابن عباس ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إني أريد أن أحج ، فكيف أقول ؟ قال : قولي لبيك ، ومحلي من الأرض حيث تحبسني ، فإن لك على ذلك ما استثنيت سألت .
[ ص: 146 ]
5907 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، حدثنا ، عن عبد الله بن نمير الهمداني ، عن هشام بن عروة . أبيه
عن - رضي الله عنها - قالت : عائشة يعودها قال : لعلك أردت الحج ، فقالت : إني وجعة قال : حجي ، واشترطي ؛ قولي : اللهم حلي حيث حبستني ضباعة بنت الزبير دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على .
5908 - وحدثنا ، حدثنا أحمد بن خالد بن زيد ، حدثنا علي ابن المديني ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه مثله . عائشة
[ ص: 147 ]
5909 - وحدثنا حدثنا أحمد بن شعيب ، ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق ، ، عن معمر
عن هشام . ، عن أبيه ضباعة بنت الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، وهي تشتكي ، فذكرت له الحج ، فقال : حجي ، واشترطي ، وقولي اللهم حلي حيث حبستني .
فاختلف معمر ، والثوري على هشام في إسناد هذا الحديث على ما ذكرنا من اختلافهما عنه فيه .
5910 - وحدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا الخصيب ، حدثنا ، عن عمر بن [ ص: 148 ] علي المقدمي ، عن هشام بن عروة . أبيه
عن أبي ذؤيب الأسلمي لضباعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، ثم ذكر الحديث مثل ما في حديث معمر ، والثوري اللذين ذكرنا سواه من رواة هذا الحديث عن ، واضطرب علينا بذلك حديث هشام بن عروة هذا . هشام بن عروة
5911 - وحدثنا حدثنا أحمد بن خالد ، ، حدثنا علي ابن المديني حدثنا عبد الرزاق ، ، عن معمر ، عن الزهري . عروة
عن عائشة ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية ..فقال : حجي ، واشترطي أن تحلي حيث تحتبسين ضباعة بنت الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على .
[ ص: 149 ] قال : ولم نجد هذا الحديث من حديث أبو جعفر ، عن الزهري عروة إلا ما قد رويناه عنه مما لا اضطراب فيه .
ثم رجعنا إلى هذا الحديث من حديث هشام .
5912 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة . أبيه
عن ضباعة بنت الزبير قالت : يا رسول الله إني أريد الحج ، وما أراني أستطيع قال : حجي ، واشترطي ، وقولي : اللهم حلي حيث تحتبسني .
قال : هكذا حدثناه أبو جعفر الربيع ، عن أسد ، عن حماد ، عن هشام .
5913 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا حدثنا حجاج ، ، حدثنا أبو سلمة . هشام بن عروة
عن أن أبيه ضباعة قالت : يا رسول الله ما أراني إلا وجعة ، وما أراني أستطيع الحج قال : حجي ، واشترطي : اللهم حلي حيث حبستني .
[ ص: 150 ] فخالف الحجاج أسدا ، عن ، عن حماد بن سلمة على ما ذكرنا من اختلافهما عنه فيه . هشام بن عروة
5914 - وحدثنا حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، ، حدثنا يوسف بن عدي ، عن القاسم بن مالك المزني عثمان بن حكيم قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن الزبير .
عن قالت : جدته ، فقال : ما منعك يا عمة من الحج ؟ قالت : إني سقيمة ، وأخاف الحبس ، فقال : اخرجي ، واشترطي أن محلي حيث حبستني ضباعة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على .
وهذه الآثار هي التي وجدناها في قصة في الاشتراط في الحج ، ومنها ما لم يقع فيه الاضطراب الذي ذكرنا فيها ما تقوم به الحجة . ضباعة
[ ص: 151 ] فنظرنا : هل نجد ما يدفع ذلك؟
فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الحجاج بن عمرو الأسلمي الذي قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كسر أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى .
وذكر عكرمة هذا الحديث ، وذكرنا مع ذلك من اختيار قوله : فقد حل ما ذكرناه فيه ، وأنه بمعنى : فقد حل له أن يحل ، وكان ذلك عن غير وقوف منا على ذلك التأويل برواية توجبه ، وتمنع أن يتأول على غيره ، ثم بان لنا بعد ذلك لما وقفنا على حديث هذا : أن الأولى في ذلك المحل أن يكون خروجا من الإحرام الذي حدثت على صاحبه فيه تلك الحادثة التي تمنعه من النفوذ في حجه . ضباعة
وعقلنا بذلك إذ لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، ولا في حديث بهدي كان يؤمر المحصور بالهدي الذي يحل به ، أن ذلك كان الحكم في البدء ، ثم جعل الله عز وجل الحكم فيمن حبس عن الحج بالإحصار الذي يحبسه عنه من العجز في بدنه ، ومما سوى ذلك من العدو الذي يصده عنه أن عليه الهدي ، وأنه لا يحل إلا بنحر ذلك الهدي ؛ لقوله عز وجل : ضباعة وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله . فكانت هذه آية محكمة .
وقد روي عن مع تصديقه ابن عباس الحجاج بن عمرو ، وما قد ذكرنا تصديقه إياه عليه .
[ ص: 152 ] ما قد حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم علقمة وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم قال : إذا أحصر الرجل بعث بالهدي " . ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، فصيام ثلاثة أيام ، فإن عجل فحلق قبل أن يبلغ الهدي محله فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك : صيام ثلاثة أيام ، أو تصدق على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع ، والنسك شاة ، فإذا أمن مما كان به " . فمن تمتع بالعمرة إلى الحج . فإن مضى في وجهه ذلك ، فعليه حجة ، وإن أخر العمرة إلى قابل فعليه حجة وعمرة " . فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج . آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجعتم . قال : فذكرت ذلك إبراهيم ، فقال : هذا قول لسعيد بن جبير ، وعقد ثلاثين ابن عباس .
وما قد حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا بن يحيى ، وابن أبي [ ص: 153 ] مريم قالا : حدثنا ، حدثنا الفريابي ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم " علقمة فإن أحصرتم . قال : من حبس ، أو من مرض . قال : فحدثت به إبراهيم ، فقال : هكذا قال سعيد بن جبير ، فعقلنا بذلك أن قول ابن عباس في تصديقه ابن عباس الحجاج بن عمرو في الحل بلا هدي عند الكسر والعرج ، وكان ذلك والحكم كان في البدء على ما في ذلك الحديث ، وأن قوله الذي ذكره عنه من المنع من الإحلال مع الكسر والعرج ، حتى ينحر الهدي على ما في الآية التي تلونا أن ذلك الحكم الذي عاد الأمر إليه في هذه الحادثة ، وأن حديث سعيد بن جبير على مثل ما كان عليه حديث ضباعة الحجاج بن عمرو ، وأن النسخ قد لحقها في هذه الآية ، ورد الحكم إلى ما فيها ، ويمنع المحصر بالكسر أو العرج ، أو بما سوى ذلك أن يحل من إحرامه حتى ينحر عنه الهدي .
وقد كان ينكر الاشتراط في الحج ، ويقول : حسبكم سنة رسول الله - يعني في المحصر المتأخر ، وحكمها في الآية التي تلونا - . عبد الله بن عمر
وروى عنه بعضهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشترط في حجه .
5915 - كما حدثنا أخبرنا يونس ، ، أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : سالم
ينكر الاشتراط في الحج ، ويقول : حسبكم سنة نبيكم [ ص: 154 ] صلى الله عليه وسلم : إن حبس أحدكم ، طاف ابن عمر بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ثم حل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا ويهدي أو يصوم كان .
5916 - وكما حدثنا عبيد بن رجال ، حدثنا ، حدثنا أحمد بن صالح ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري . سالم
عن ابن عمر البيت طاف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم يحلق أو يقصر ، ثم يحل ، وعليه الحج من قابل . أنه كان يكره الاشتراط في الحج ، ويقول : أما حسبكم سنة نبيكم أنه لم يشترط ، فإذا حبس أحدكم حابس ، فإذا وصل إلى
[ ص: 155 ] قال رحمه الله : قال لنا أبو جعفر عبيد بن رجال : قال أحمد : هذه الكلمة إنه لم يشترط ليس يقولها أحد غير معمر ، فهذا يقول ما ذكرنا ، ومحال أن يكون أنكر ذلك إلا بعد أن بلغه عمن كان يحدثه ممن ذكرنا ، أو ممن سواهم ، ومحال أن يكون مع ورعه وعلمه يدفع شيئا يروى له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بما يجب له دفعه به من نسخ له ، أو بما سوى ذلك . ابن عمر
فإن قال قائل : فإن ، وإن كان قد دفع ذلك ، فإن غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أطلقه ، وأمر بالعمل به . ابن عمر
فذكر ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، أخبرنا حماد ، أيوب ، وهشام ، عن وحبيب : محمد بن سيرين كان واقفا عثمان بن عفان بعرفة إذ جاء رجل فقال له عثمان : أما اشترطت ، أو هلا اشترطت . أن
[ ص: 156 ] فكان جوابنا له في ذلك : إن هذا حديث منقطع الإسناد لا يحتج أهل الحديث بمثله .
فقال : قد روي عن في ذلك . عائشة
فذكر ما قد حدثنا محمد بن عمرو ، حدثنا ، عن عبد الله بن نمير ، عن هشام قال : أبيه أن أشترط إذا حججت ، وأقول : اللهم الحج أردت ، وإليه عمدت ، فإن تيسر لي فإنه الحج ، وإن حبست فإنها عمرة عائشة . أمرتني
فكان جوابنا له في ذلك : أن ما في حديث هذا خلاف ما في حديثها عن عائشة ; لأن الذي في حديثها في قصة ضباعة أن النبي - عليه السلام - كان أمرها أن تشترط أن محلي حيث حبستني ، فذلك على إحلال يخرج به من الحج لا إلى عمرة ، والذي في حديثها الذي أمرت به ضباعة عروة بما أمرته به فيه على خروج منه إن حبس من حج إلى عمرة ، وذلك محتمل أن تكون تلك العمرة هي العمرة التي تجب على من يفوته الحج حتى يحل بها من ذلك الحج .
[ ص: 157 ] ففي حديث عروة هذا دليل صحيح على نسخ ما في حديث الذي ذكرنا ، فقال هذا القائل : فقد كان الناس بعد ضباعة يشترطون . عائشة
فذكر ما قد حدثنا روح بن الفرج ، حدثنا ، حدثنا يوسف بن عدي ، عن أبو الأحوص ، عن مغيرة قال : إبراهيم . كانوا يستحبون أن يشترطوا عند الإحرام
فكان جوابنا له في ذلك : أنه لم يذكر لنا في هذا الحديث ما كانوا يشترطونه عند ذلك ، فقد يحتمل أن يكون ما في حديث ، ويحتمل أن يكون ما في حديث ضباعة عروة ، مما أمرت فيه بما أمرته به فيه . عائشة
ثم نظرنا نحن فيما كانوا يشترطون .
فوجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا قال : حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن أبو عوانة ، عن منصور قال : إبراهيم . كانوا يشترطون في العمرة ، والحج يقول : اللهم إني أردت الحج إن تيسر ، وإلا فعمرة إن تيسرت ، وإلا فلا حرج علي
[ ص: 158 ] فوقفنا بذلك على أن الذي كانوا يشترطونه أراد به الإخلاص على ما في حديث عروة الذي أمرته فيه بما أمرته به في ذلك ، وفي ذلك توكيد نسخ حديث عائشة . ضباعة
فقال هذا القائل : فإن في هذا الحديث " وإلا فلا حرج علي " .
فكان جوابنا له في ذلك : أن قولهم : كان وإلا فلا حرج علي لم يفسر لنا فيه الذين يصيرون إليه حتى لا يكون عليهم فيه حرج ، ووجهه عندنا - والله أعلم - أنهم أرادوا بقولهم " لا حرج " أي : لا حرج علي في أن لم آت بما أحرمت به على ما يوجبه إحرامي به علي ، فلا حرج علي في ذلك ; لأن ذلك ليس باختياري ، وإنما هو مما دعتني الضرورة إليه .
ثم نظرنا فيما عليه فقهاء الأمصار في هذا الباب من أهل الحرمين ، ومن أهل الأمصار سواهم ممن تدور عليهم الفتيا كأبي حنيفة وأصحابه ، وكمالك وأصحابه ، وكالشافعي وأصحابه ، فيمن سواهم من أمثالهم ، فوجدناهم جميعا على خلاف ما في حديث ، فكان [ ص: 159 ] خلافهم لذلك حجة في دفعه إجماعا ، والله عز وجل لا يجمع أمة نبيه على ضلالة ، وبالله التوفيق . ضباعة