[ ص: 8 ] 724 - باب بيان مشكل ما روي في المراد بقول الله عز وجل لأمهات المؤمنين : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .
حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، وحدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا يحيى بن عثمان قالا : حدثنا نعيم بن حماد ، واللفظ عبد العزيز بن محمد ليحيى بن عثمان ، عن ثور ، عن ، عكرمة أن ابن عباس - رضي الله عنه - سأله ، فقال : أرأيت قول الله تعالى : عمر بن الخطاب ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، هل كانت جاهلية غير واحدة ؟ فقال له : ما سمعت أولى إلا ولها آخرة ، فقال ابن عباس عمر : هات من كتاب الله تعالى ما يصدق ذلك ، فقال : إن الله جل اسمه يقول : وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة ، فقال ابن عباس عمر : من أمرنا الله أن نجاهده ، فقال : ابن عباس مخزوم وعبد شمس . عن
[ ص: 9 ] فتأملنا هذا الحديث وقول فيه ابن عباس لعمر : ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة ، وتلاوة عليه بعد ذلك ما ذكر له أنه من كتاب الله مما لم ينكر ابن عباس عمر أن يكون كذلك ، وإن كنا لا نجده في كتاب الله ، فوجدنا قد روي فيه أنه قد كان من كتاب الله ، ثم أسقط منه فيما أسقط منه .
كما .
حدثنا ، أخبرنا يزيد بن سنان ، أخبرنا ابن أبي مريم ، قال : حدثني نافع يعني : ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : المسور بن مخرمة عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما : ألم نجد فيما أنزل الله علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة ، فإنا لا نجدها ، فقال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ، فقال لعبد الرحمن بن عوف عمر : أتخشى أن يرجع الناس كفارا ، فقال : ما شاء الله ، قال : إن يرجع الناس كفارا لتكونن أمراؤهم بني فلان ، ووزراؤهم بني فلان قال .
[ ص: 10 ]
وكما حدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد ، قال : حدثنا ، عن نافع يعني : ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، ثم ذكر مثله . المسور بن مخرمة
وكما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد ، أخبرنا ابن أبي مريم ، حدثني الليث بن سعد ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد رجل من قريش مرضي ، عن ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة بآخر الحديث ، قال : قال عبد الرحمن بن عوف : عمر إذا كان ذلك لا يكون إلا بنو أمية وبنو مخزوم من الأمر بسبيل .
وكما حدثنا ، حدثنا يوسف يعقوب بن أبي عباد ، حدثنا ، عن سفيان ، عن عمرو ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قال المسور بن مخرمة عمر : ثم ذكر مثل حديثه عن لعبد الرحمن يعقوب بن إسحاق ، عن نافع [ ص: 11 ] ، عن إلا أنه قال : ابن أبي مليكة ليكونن أمراؤهم بني أمية ، ووزراؤهم بني المغيرة .
فعقلنا بذلك أن الذي تلي في هذه الآثار على أنه من كتاب الله عز وجل قد كان من كتاب الله ، كما قد تلي فيه ، غير أن عمر وابن عباس لم يكونا علما أنه أسقط منه ، حتى أعلمهما ذلك ، وكان سقوطه من كتاب الله لا يمنع أن يكون من فصيح الكلام الذي هو النهاية في الحجة في اللغة . عبد الرحمن بن عوف
ووقفنا بذلك على أنه : قد يكون أول لما لا يكون له آخر .
ومثل ذلك : ما قد قاله أهل العلم في مثله في رجل قال : أول عبد أملكه فهو حر ، فملك عبدا أنه عتق عليه ، وإن لم يملك بعده غيره حتى يموت ، وخلافهم بين ذلك وبين الآخر حيث لم يجعلوا آخرا إلا لما قد كان له أول .
ومن ذلك ما قد قالوه في رجل ، قال : آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ثم لم يملك عبدا سواه حتى مات أنه لا يعتق ، وأنه لا يكون آخرا إذا كان قد كان أولا ، فهذا أحسن ما حضرنا في تأويل ما في هذا الحديث .
وقد روي عن بعض المتقدمين من الصحابة ومن غيرهم في تأويل ذلك المعنى غير هذا التأويل .
[ ص: 12 ]
كما قد حدثنا روح بن الفرج ، حدثنا ، حدثنا عمرو بن خالد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، قال : ابن عباس ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، قال : كنا نقول تكون جاهلية أخرى .
وكما حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، حدثنا الفريابي ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح مجاهد : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، قال : هي الجاهلية التي كانت بين عيسى ومحمد - صلوات الله عليهما .
وأما أهل اللغة منهم فوجدناه قد قال في كتابه في معاني القرآن ومشكل إعرابه : الفراء ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، قال : [ ص: 13 ] كان ذلك في الزمن الذي ولد فيه إبراهيم صلوات الله عليه ، كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ غير مخيط من الجانبين ، وكانت تلبس الثياب من المال لا يواري جسدها ، فأمرن أن لا يفعلن ذلك ، فهذه تأويلات قد رويت لهذا المعنى ، وهي محتملة لما قيل فيها ، والله أعلم بمراده فيها .
وقد احتج محتج ممن وافقنا على أنه قد يكون أولى ، وإن لم يكن له آخرة ، كما قال : من ذلك قول الله عز وجل : ولقد علمتم النشأة الأولى ، فهذا يدل على أن النشأة قد كانت أولى ، وإن لم يكن بعدها نشأة أخرى .
فكان جوابنا له في ذلك أن ذلك أيضا إنما أنزل بعد أن كانت نشأت ، ومنه قول الله : كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ، وكان ذلك مما قد تقدم نزول الآية التي ذكر أنها تدل على ما قال ، والله الموفق .