[ ص: 81 ] 88 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من نهيه عن كسب الإماء
618 - حدثنا ، حدثنا بكار ، حدثنا أبو عاصم ، وحدثنا شعبة إبراهيم بن محمد بن يونس ، حدثنا ، حدثنا مسلم بن إبراهيم . شعبة
وحدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن محمد بن جحادة ، عن أبي حازم قال : أبي هريرة نهى النبي عليه السلام عن كسب الإماء .
619 - وحدثنا ابن خزيمة وإبراهيم بن أبي داود قالوا : حدثنا وحسين بن نصر ، حدثني علي بن الجعد ، عن شعبة ... ثم ذكروا بإسناده مثله . محمد بن [ ص: 82 ] جحادة
فقال قائل : وكيف يجوز لكم قبول هذا عنه عليه السلام وكتاب الله تعالى وسنة رسوله يدفعانه ، قال الله تعالى : والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ولا اختلاف بين أهل العلم جميعا أن الملتمس من المكاتبين بالكتابات اللاتي يعقد عليهم هو كسبهم ، وأن الإماء منهم كالذكور ، وكوتبت بريرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المال الذي كوتبت عليه ، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فلم ينكره . وفي ذلك دفع لما ادعيتم من الحديث الذي رويتم .
فكان من حجتنا عليه في ذلك بتوفيق الله : أن الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روينا هو خلاف الذي أباح الله تعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته من مكاتبات الإماء ، وذلك أن الله تعالى إنما أباح مكاتبة من علم مكاتبه فيه خيرا بقوله : إن علمتم فيهم خيرا فقال قوم : الخير هو اكتساب المال ، وقال قوم : هو الصلاح ، وكل واحد من التأويلين يصدق الآخر ، فدل ذلك أنه إنما أباح مكاتبة من يحمد كسبه لا من يذم كسبه ، والذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روينا قد عقلنا بنهيه إيانا عنه أنه من الأشياء المنكرات ؛ [ ص: 83 ] لأن صفته التي وصفه الله بها الأمر بالمعروف والنهي ، عن المنكر ومن ذلك قول الله تعالى : الذين يتبعون الرسول النبي الأمي إلى قوله : وينهاهم عن المنكر .
فعقلنا بذلك بنهيه عن كسب من نهي عن كسبه في الحديث الذي روينا أنه الكسب المذموم لا الكسب المحمود .
فقال : وهل يجوز أن يضاف النهي إلى كل الأكساب ، وإنما المراد به خاصها منه ؟ فكان جوابنا في ذلك : أن الأشياء إذا كثرت واتسعت أعدادها جاز أن يضاف إلى كلها ما يراد به بعضها دون بقيتها ، ومن ذلك قول الله لنبيه في كتابه : وكذب به قومك ولم يرد به كل قومه ، وإنما أراد منهم المكذبين له في ذلك لا المصدقين له فيه ، وقوله له : وإنه لذكر لك ولقومك فلم يرد بذلك قومه المكذبين له على ذلك وإنما أراد به قومه المصدقين له عليه .
ومثل ذلك ما كان منه في قنوته في صلاة الصبح من قوله فيه : مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف واشدد اللهم وطأتك على .
[ ص: 84 ]
620 - حدثناه ، أخبرنا المزني ، حدثنا الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد . أبي هريرة
621 - وحدثنا ، أخبرنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب سعيد أنهما سمعا وأبي سلمة يقول ذلك أيضا . أبا هريرة
[ ص: 85 ] فلم يرد بقوله : واشدد اللهم وطأتك على مضر ، كل مضر وكيف يكون ذلك وهو من مضر ، وخيار من خلفه في صلاته تلك من مضر الذين لا أمثال لهم ، ولكن كان قوله على مضر يريد به مضر المخالفة عليه التي من أجل خلافها عليه كان قنوته ذلك دون من سواها من مضر .
ومثل ذلك نهيه عليه السلام عن كسب الإماء ، هن الإماء المذموم أكسابهن ، لا الإماء المحمودة أكسابهن .
وقد بين ذلك في حديث رواه عنه . أبو هريرة
622 - كما حدثنا ، حدثنا يونس ، حدثني ابن وهب ، عن مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن أبيه ، عن قال : أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة إلا أن يكون لها عمل واصب أو كسب يعرف .
فدل ذلك أن الكسب الذي دخل في نهيه في الحديث الأول [ ص: 86 ] هو النهي الذي نهى عنه في هذا الحديث .
وكذلك كان من في خطبته على الناس . عثمان بن عفان
كما حدثنا أخبرنا يونس أن ابن وهب ، حدثه . مالكا
وحدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عامر ، عن عمه مالك ، عن أبي سهيل بن مالك أبيه يخطب وهو يقول : لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب ؛ فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها ، ولا تكلفوا الصغير الكسب ؛ فإنه إن لم يجد يسرق ، وعفوا إذ أعفكم الله عز وجل ، وعليكم من المطاعم بما طاب عثمان . أنه سمع
وكما حدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، عن عبد العزيز الدراوردي ، عن أبي سهيل أبيه قال : سمعت يخطب ... ثم ذكر مثله . عثمان
وكانت خطبته هذه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قد سمعوا منه نهيه ، عن كسب الإماء فلم يردوا ذلك عليه ولم يخالفوه فيه ؛ فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه ، وعلى أن ما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهيه عن كسب الإماء إنما هو المذموم منها لا المحمود منها .