[ ص: 49 ] 481 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من خروجه على مخرمة أبي المسور بن مخرمة وهو لابس القباء الذي كان خبأه له
3044 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد ، ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة . المسور بن مخرمة
3045 - وحدثنا أيضا ، الربيع ، قال ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الربيع : حدثنا شعيب بن الليث ، وقال محمد : حدثنا أبي وشعيب بن الليث قالا : حدثنا ، عن الليث بن سعد ، عن عبد الله بن عبيد الله أنه قال : المسور بن مخرمة مخرمة شيئا ، فقال مخرمة : يا بني ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق معه ، فقال : ادخل فادعه لي ، فدعوته له ، فخرج إليه وعليه قباء ، فقال : خبأت هذا لك ، فنظر إليه فقال : رضي مخرمة قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط .
[ ص: 50 ] قال : هكذا حدث أبو جعفر الليث أكثر الناس بهذا الحديث ، وقد كان حدث به بالعراق بزيادة على ما كان حدث به عليه قبل ذلك .
3046 - كما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن ابن أبي مليكة المسور بن مخرمة المسور : فأعظمت ذلك وقلت : أدعو لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال : أي بني ، إنه ليس بجبار ، فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج عليه قباء من ديباج مزرر بذهب ، فقال : يا مخرمة ، هذا أخبأته لك ، فأعطاه إياه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فبلغ ذلك أباه ، فقال : يا بني ، إنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية ، فهو يقسمها ، فاذهب بنا إليه ، فذهبنا ، فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله ، فقال : أي بني ، ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال .
[ ص: 51 ] قال : ففي هذا الحديث لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك القباء وهو من ديباج مزرر بذهب ، وذلك قبل تحريم لبس الحرير ، وسنذكر ما روي في إباحة لبس الحرير ، وما روي في نسخ ذلك وتحريمه فيما بعد ، من كتابنا هذا إن شاء الله . أبو جعفر
3047 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان صالح بن حاتم بن وردان ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا ، عن أيوب السختياني ، عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه ، قال : المسور بن مخرمة مخرمة : انطلق بنا لعله أن يعطينا منها شيئا ، فجاء إلى الباب ، فقال : هاهنا هو ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فخرج معه بقباء ، فكأني أنظر إليه يري أبي محاسن القباء ، ويقول : خبأت هذا لك ، خبأت هذا لك . قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية ، فقسمها بين أصحابه ، فقال لي أبي
فقلت : لأي شيء فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بمخرمة ، فقال : إنه كان يتقي لسانه .
قال : وقد كان قوم يدفعون هذا الحديث ، ويقولون : محال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس ذلك القباء ، وهو مما أفاءه الله عز وجل عليه [ ص: 52 ] وله في ذلك شركاء ؛ لأن الله عز وجل جعل الفيء على ما ذكره في كتابه بقوله عز وجل : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .
فتأملنا ما قالوا من ذلك وما أنكروه من هذا الحديث ، ونفوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه فاسدا ؛ لأن الأفياء التي أفاءها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم صنفان : أحدهما الصنف الذي ذكره الله عز وجل في الآية التي تلوتها ، والصنف الآخر المذكور في الآية التي قبلها في السورة التي هي فيها وهي قوله : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ، فكان ما كان من ذلك الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون الناس جميعا ، فكانت ملكا لا فيئا من ذلك الصنف ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون الناس جميعا . فلم يستأثرها لنفسه ، وردها في إعزاز الإسلام ، وإصلاح قلوب من يخاف فساد قلبه عليهم ، وإن كان مما ينتحل ما ينتحلون إلا أنه ليس معه من قوة الإيمان ما معهم ، فكان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة في فضله ، وجلالة لمنزلته ، وإعظاما لحقوق الله عز وجل عليه ، وطلبا منه الألفة بين أمته ، ودفع المكروه فيما يخاف من بعضها على بقيتها .
فكانت قسمته تلك الأقبية بين من قسمها عليه منهم لذلك ، وكان لباسه القباء المذكور لبسه إياه في هذه الأحاديث وهو مملوك به لا شريك له فيه ؛ لأنه وإن كان خبأه لمخرمة ، فلم يملكه مخرمة بذلك ، وإنما ملكه بقبضه إياه منه وتسليمه إياه إليه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .