[ ص: 347 ] 405 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لحصين الخزاعي أبي عمران بن حصين لما علمه أن يدعو : اللهم اغفر لي ما أخطأت ، وما عمدت ، وما علمت ، وما جهلت
2525 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن بشر العبدي قال : حدثنا زكريا بن زائدة قال : حدثنا منصور بن المعتمر ، عن ربعي بن حراش قال : عمران بن حصين حصين إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم فقال : يا محمد كان عبد المطلب خيرا لقومه منك كان يطعمهم الكبد ، والسنام ، وأنت تنحرهم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم إن حصينا قال : يا محمد ماذا تأمرني أن أقول ؟ قال : قل اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وأسألك أن تعزم لي على رشد أمري .
قال : ثم إن حصينا أسلم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني كنت سألتك المرة الأولى ، وإني الآن أقول : ما تأمرني أن أقول ؟ قال : قل : اللهم اغفر لي ما أسررت ، وما أعلنت ، وما أخطأت ، وما عمدت ، وما جهلت ، وما علمت جاء .
[ ص: 348 ]
2526 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا يحيى بن يعلى أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم ، ثم ذكر هذا الحديث غير أنه قال : وما أخطأت ، وما عمدت ، وما عقلت ، وما جهلت .
قال : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه قوله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ما أخطأت .
فقال قائل : وكيف يسأل غفران ما أخطأ به والله عز وجل يقول : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن ذلك الخطأ الذي توهمه الذي هو ضد للعمد ، ولكنه خطأ من الخطايا التي يخطئها [ ص: 349 ] مما يدخل في قول الله عز وجل : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . من الخطيئات التي يخطئونها ، ومما يدخل [ ص: 350 ] في قوله عز وجل : مما خطاياهم أغرقوا فأدخلوا نارا .
فذلك على الخطايا التي اكتسبوها بقصدهم إليها وبعمدهم إياها لا أضدادها من الخطأ الذي يكون منهم مما لا يعمدونه ، ولا يقصدون إليه ولا يقعون فيه باختيارهم إياه ، وأما قوله عليه السلام : وما جهلت فمعنى ما جهلت أي : ما عملته جاهلا بقصدي إليه مع معرفتي به ، وجنايتي على نفسي بدخولي فيه وعملي إياه .
فقال قائل : هذا الحديث قد روي ما يخالفه عن . عمران بن حصين
2527 - وذكر ما قد حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال : حدثنا ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند العباس بن عبد الرحمن وهو ابن ربيعة بن الحارث الهاشمي ، عن عمران بن الحصين الحصين بن عبيد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان مشركا فقال : أرأيت رجلا كان يقري الضيف ويصل الرحم مات قبلك ، قال : كأنه يعني بذلك أباه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أبي وأباك في النار . قال : فما مرت عشرون ليلة حتى مات مشركا أبو جعفر أن أباه .
[ ص: 351 ] [ ص: 352 ] قال : ففي هذا الحديث أن حصينا أبا عمران بن حصين مات مشركا .
وفي الحديث الأول ذكر إسلامه وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياه ما ذكر تعليمه إياه فيه ، وهذا اختلاف شديد .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن هذا وإن كان اختلافا كما ذكر في هذين الحديثين ، فإنه ليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من رواة هذين الحديثين ، والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك ما هو ، غير أنا تأملناهما فوجدناهما قد يخرجان بما لا اختلاف فيه ، وذلك أن يكون عمران هو ابن حصين بن حصين بن عبيد ، فيكون أبوه حصين المذكور بالإسلام في الحديث الأول من الحديثين اللذين ذكرناهما في هذا الباب أباه الأدنى هو الذي أسلم ، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمه في الحديث المذكور فيه إسلامه من الحديثين [ ص: 353 ] اللذين رويناهما في هذا الباب ، ويكون الذي مات مشركا هو حصين بن عبيد أباه الأقصى من أبويه اللذين اسم كل واحد منهما حصين ، فيصح الحديثان جميعا ولا يتضادان ، وذلك أولى مما حملا عليه حتى لا يدفع واحد منهما صاحبه ولا يخالفه ولا يضاده ، والله عز وجل نسأله التوفيق .