[ ص: 431 ] 778 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على قتلى أحد بعد مقتلهم بثماني سنين
4907 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب عمرو بن الحارث ، عن وابن لهيعة : أن يزيد بن أبي حبيب أخبره : أنه سمع أبا الخير يقول : عقبة بن عامر إن آخر ما خطب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه صلى على شهداء أحد ، ثم رقي على المنبر ، فحمد الله - عز وجل - وأثنى عليه ، ثم قال : إني فرط لكم ، وأنا عليكم شهيد .
[ ص: 432 ]
4908 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يونس بن محمد ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير : عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما ، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت .
قال : ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثماني سنين ، فاحتمل أن يكون ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه لم تكن سنة الشهداء قبل ذلك الصلاة عليهم ، ثم جعل الله الصلاة عليهم من سنتهم ، فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك . فقال قائل : وكيف تقبلون هذا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليهم بحضرة قتلهم . وذكر ما قد . أبو جعفر
4909 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، عن أبو بكر بن عياش ، عن يزيد بن أبي زياد مقسم [ ص: 433 ] عن ابن عباس حمزة ، ثم يرفع العشرة وحمزة موضوع ، ثم توضع عشرة فيصلي عليهم وعلى حمزة معهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوضع بين يديه يوم أحد عشرة ، فيصلي عليهم وعلى .
4910 - وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبو بكر بن عياش ، عن يزيد بن أبي زياد مقسم ، عن ، قال : ابن عباس وحمزة ، فيكبر عليهم سبع تكبيرات ، ثم يرفعون ويترك حمزة ، ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم سبعا حتى فرغ منهم أمر رسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالقتلى ، فجعل يصلي عليهم ، فيضع تسعة .
[ ص: 434 ] فقال القائل : ففي هذا الحديث ، أنه قد كان صلى عليهم بحضرة قتلهم ، وإذا كان ذلك كذلك ممن قد صلى قبل ذلك على المدفون جاز له أن يعيد الصلاة عليه ، وفي جواز ذلك له ما يجوز به لغيره الصلاة عليه أيضا .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن الذي قد روي من هذا الحديث ، عن قد خالفه فيه ابن عباس جابر وأنس بن مالك ، كما قد .
4911 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : حدثني ابن وهب ، عن الليث بن سعد حدثه ، عن ابن شهاب عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن أخبره جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفن قتلى أحد بدمائهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا .
[ ص: 435 ]
4912 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : حدثني ابن وهب : أن أسامة بن زيد الليثي حدثه أن ابن شهاب حدثه : أنس بن مالك أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم .
قال : فهذا أبو جعفر جابر وأنس يخبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن صلى عليهم بحضرة قتلهم ، وقد يجوز أن يكون لم يصل عليهم ، وقد صلى عليهم غيره بأمره ، فنظرنا في ذلك هل روي فيه شيء أم لا . ؟
4913 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : أخبرنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن أسامة بن زيد ، عن ابن شهاب أنس بن مالك بحمزة عليه السلام ، وقد جدع ومثل به ، فقال : لولا أن تجزع صفية لتركته حتى يحشره الله - عز وجل - من بطون الطير والسباع ، فكفنه في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه ، وإذا خمر رجليه بدا رأسه ، فخمر رأسه ولم يصل على أحد من الشهداء غيره ، وقال : أنا شهيد عليكم اليوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مر .
[ ص: 436 ] فكان في هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن صلى على أحد من الشهداء يوم أحد غير حمزة ، وقد يجوز أن يكون فعل ذلك من الصلاة على حمزة ، ومن ترك الصلاة على غيره لما أشغله يومئذ مما كان نزل به في وجهه ، ومن هشم البيضة على رأسه ، كما قد .
4914 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ابن أبي حازم وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن ، قال أبي حازم سعيد في حديثه : سمعت ، وقال سهل بن سعد ابن أبي حازم ، عن سهل : سهل : كسرت البيضة على رأسه ، وكسرت رباعيته ، وجرح وجهه ، فكانت فاطمة تغسله ، وكان علي عليه السلام يسكب الماء بالمجن ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة [ ص: 437 ] حصير ، فأحرقتها وألصقتها على جرحه ، فاستمسك الدم أنه سئل عن وجه رسول الله يوم أحد ، بأي شيء دووي ؟ قال ، يختلف لفظ ابن أبي حازم وسعيد في هذا الحديث ، والمعنى واحد .
4915 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : أخبرنا عمرو بن عون ، عن خالد بن عبد الله ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله ، وهشموا عليه البيضة ، وكسروا رباعيته .
[ ص: 438 ]
4916 - وكما حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا القعنبي ، عن حماد ، عن ثابت البناني : أنس ليس لك من الأمر شيء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد ، وشج وجهه ، فجعل يسلت الدم عن وجهه ، ويقول : كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم ، وكسروا رباعيته ، وهو يدعوهم إلى الله - عز وجل - فأنزل الله - عز وجل - : .
[ ص: 439 ] قال : فاحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليهم لما شغله عنهم من ألم ما نزل به ، غير أبو جعفر حمزة فإنه اختصه بالصلاة عليه لمكانه منه .
فقال قائل : فقد روي الحديث الذي ذكرت فيه اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بالصلاة عليه بخلاف ما رواه عليه عثمان بن عمر الذي ذكرت ذلك في حديثه عنه ، وذكر ما قد .
4917 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن أسامة بن زيد ، عن ابن شهاب ، قال : أنس بن مالك حمزة في نمرة ، كانوا إذا مدوها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا مدوها على رجليه خرج رأسه ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدموا على رأسه ويجعلوا على رجليه من الإذخر .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن تجزع صفية لتركنا حمزة ، فلم ندفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع كفن .
[ ص: 440 ] ولم يذكر فيه ابن وهب صلاة رسول الله على حمزة .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن ابن وهب ، وإن كان لم يذكر ذلك ، فقد زاد عليه عثمان بن عمر ، عن أسامة ما في حديثه من إثباته الصلاة عليه ، وكلاهما بحمد الله ثقة ثبت مقبول الرواية ، ومن زاد وهو كذلك على غيره زيادة في حديث روياه جميعا كانت زيادته مقبولة .
فقال قائل : فقد ذكرت في الباب الذي قبل هذا الباب : أن الميت إذا فني ببلى أو بما سواه ، فصار بذلك معدوما أنه لا يصلى على قبره ، وفي حديث عقبة الذي رويته : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثماني سنين ، فهذا الحديث حجة عليك لما ذكرته من ذلك ; لأن الموتى يفنون في أقل من تلك المدة .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن شهداء أحد قد علم رسول الله أنهم لم يفنوا ، وأنهم باقون لما أنزل الله - عز وجل - عليه فيهم من قوله : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فصلى عليهم لذلك ، وقد روي في وجودهم على الأحوال التي ذكرها الله في هذه الآية بعد أضعاف هذه المدة من الزمان .
ما قد حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، قال : حدثنا ، عن سفيان بن [ ص: 441 ] عيينة سمع أبي الزبير يقول : جابر بن عبد الله معاوية يجري العين التي عند قبور الشهداء بالمدينة ، أمر مناديا فنادى : من كان له ميت فليأته ، قال جابر : فذهبت إلى أبي ، فأخرجناهم رطابا يتثنون ، فأصابت المسحاة أصبع رجل منهم فانفطرت دما . لما أراد
ففي هذا الحديث ، ما قد دل على بقاء أبدانهم بعد المدة التي كان صلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فهكذا نقول : من علم بقاء بدنه بعد مدة ، وإن طالت في قبره ، جاز أن يصلى على قبره إذا لم يكن صلي عليه قبل دفنه ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، واتباعا له ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .