[ ص: 87 ] 228 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله عز وجل السموات والأرض .
1454 - حدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن صالح ، قال : أخبرني إسماعيل بن أبي أويس ثور بن زيد ، عن ، عن عكرمة ، قال : { ابن عباس خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فقال : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإن السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم : ثلاثة ولاء : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، والآخر رجب بين جمادى وشعبان } .
1455 - حدثنا عبيد بن رجال ، قال : ، قال : قرأت [ ص: 88 ] على أحمد بن صالح ، قال : أخبرني ابن نافع ، عن مالك ثور بن زيد الديلي ، قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ... ثم ذكر مثله ، ولم يذكر في إسناده بعد ثور بن زيد أحدا .
1456 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن محمد ، قال : أبي بكرة خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله ، سواء حرفا بحرف ، غير أنه قال : ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان .
[ ص: 89 ]
[ ص: 90 ]
1457 - حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، قال : حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، قال : حدثنا ، عن داود بن أبي هند ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، قال : جده أبو بكر بالناس وافق ذلك العام الحج ، فسماه الله الحج الأكبر ، وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل فاستقبل الناس الأهلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض كانت العرب يجعلون عاما شهرا ، وعاما شهرين ، فلا يصيبون الحج في أيام الحج إلا في خمس وعشرين سنة مرة ، وهو النسيء الذي ذكر الله في كتابه ، فلما حج .
[ ص: 91 ] قال : ففي حديث أبو جعفر جعفر هذا الذي رده إلى ، وما قد دل على استدارة الزمان حتى صار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وفيه المعنى المراد بقول الله عز وجل : عبد الله بن عمرو وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ، أن قوله جل وعز : الأكبر في هذه الآية إنما هو نعت للحج لا لما سواه مما قد اختلف الناس فيه ، فقال بعضهم : إنه يوم النحر ، وإن كان ذلك قد رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
1458 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : أخبرنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة ، عن ابن عون - عن محمد - يعني : ابن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : أبيه لما كان ذلك اليوم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ، وفيها : { أي يوم يومكم هذا ؟ قال : فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، ثم قال : أليس يوم الحج الأكبر } .
1459 - وكما قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا دحيم بن اليتيم عمر بن عبد الواحد ، عن ، عن هشام بن الغاز ، عن نافع ، ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته يومئذ ، إن يوم الحج الأكبر يوم النحر .
[ ص: 92 ]
1460 - وكما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود الخطاب بن عثمان ، قال : حدثنا ، عن الوليد بن مسلم ، عن هشام بن الغاز ، عن نافع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله . ابن عمر
وقال بعضهم : إن يوم الحج الأكبر يوم عرفة ، وليس في ذلك معهم رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما رووه عن ابن أبي أوفى ، ومعنى ما في [ ص: 93 ] حديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين ذكرناهما في هذا الباب هو ما في حديث الذي رويناه فيه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : يوم الحج الأكبر نعت للحج لا لليوم حتى تصح معاني هذه الآثار وتتفق ، ولا يخالف بعضها بعضا . عبد الله بن عمرو
فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف هذا ، فذكر
1461 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني ، عن شعيب بن أبي حمزة ، قال : حدثني الزهري ، أن حميد بن عبد الرحمن ، قال : أبا هريرة أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ويوم الحج الأكبر يوم النحر ، والحج الأكبر الحج ، وإنما قيل : الحج الأكبر من قيل الناس : الحج الأصغر . بعثني
قال : ففي هذا الحديث ، أن يوم الحج الأكبر يوم النحر .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن ما في هذا الحديث مما قد تحققنا أنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مخالف [ ص: 94 ] لما قد رويناه قبله في هذا الباب ، إذ كان قوله : ويوم الحج الأكبر يوم النحر قد يحتمل أن يكون قوله : الأكبر نعتا للحج لا لليوم ، ويكون ذلك موافقا لحديث الذي رويناه في هذا الباب ، ويكون اليوم مضافا إليه حتى تصح هذه الآثار كلها ، لا يضاد شيء منها شيئا . عبد الله بن عمرو
ثم قال هذا القائل : وفي هذا الحديث ، وإنما قيل : الحج الأكبر من أجل قول الناس : الحج الأصغر . فاستدل بذلك فيما ذكر على أنه إنما قيل للحج الذي كان عامئذ : الحج الأكبر القول الذي كان الناس يقولونه الحج الأصغر .
قال : وهذا خلاف ما في حديث الذي رويتموه . عبد الله بن عمرو
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن الذي في هذا الحديث من قول الناس الحج الأصغر لا يدرى ما هو ؟ ولا عن من حكي من رواة هذا الحديث ؟ وقد يحتمل أن يكون من كلام ؛ فإنه قد كان يفعل ذلك كثيرا يخلط كلامه بالحديث ، فيتوهم أنه منه وليس هو منه ، ولذلك قال له الزهري موسى بن عقبة : افصل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامك ، وإذا كان ذلك الكلام يحتمل ما قد ذكرنا كان ما قد رويناه عن من حقيقة المعنى ، كان في ذلك أولى منه ، وكان ما قال : من ذلك معقولا إذا كان الحج بعد استدارة الزمان رجع إلى شهر بعينه يجري عليه حج الناس إلى يوم القيامة ، فكان ذلك إماما [ ص: 95 ] لهم ؛ كان الأكبر من الحج الذي يرجع إليه غيره من الحج الذي يكون بعده إلى يوم القيامة من قدوة أهله لما فيه ، وفي ذلك ما قد وجب له ما قاله فيه عبد الله بن عمرو ، والله نسأله التوفيق . عبد الله بن عمرو